الصفحة العربية الرئيسية

الخميس، يونيو 18، 2015

الاشـــــــــــياء تتداعى

( مقدمة مختصرة لورقة بعنوان القبيلة)

          كثيرة هي الاحداث التي تمر بها ساحة السودان والسودانين هذه الأيام، والقاسم المشترك بين اغلبها هو انها سالبة، وهذا امر بديهي.
لعلنا نذكر – قبل محنة الرئيس في جنوب افريقيا وهروبه الميمون- حدثا آخر نال حظا وافرا من النقد و السخرية والتهكم وقليلا من التبرير الخجول – خلال الاسبوع الماضي- وهو زيارة بعض زعماء القبائل السودانية  للعاصمة الامريكية واشنطن.
من الواجب ان نذكر ان بعض هؤلاء الزعماء كانوا قد دعوا السفير الامريكي بالخرطوم لغداء غير رسمي على شرف ما يمكن ان نسميه إدارة اهلية، ثم وعلى خلفية الحوارات التي دارت بين الطرفين، طرح زعماء القبائل اقتراحا بزيارة العاصمة واشنطن وإجراء حوارات هنالك!
هذا ما وافتنا به بعض الصحف السودانية المحلية، وهي تفاصيل تقبل إعادة التحوير والإخراج والتفنيد، لكن ذلك لا يعنيني ولا احسبه ذا بال، ما يعنيني حقا و لا يمكن انكاره – بحال من الاحوال- هو رؤية وفد القبائل السودانية بأم أعيننا وهو يتجول في شوارع العاصمة الأمريكية واشنطن قبالة البيت الابيض الامريكي، وصيحات الإستهجان من ابناء الجالية السودانية المقيمين في امريكا تطاردهم وتضيق عليهم الطرقات والأرض على رحابتها و تنغص عليهم زيارة كانوا يعدونها ويعدون لها على خلاف ما رأوا و رأينا جميعنا، ولو انهم تبينوا الرشد والسداد في أمرهم وألتمسوا النصيحة لما انزلوا انفسهم هذه المنزلة و لكانوا وفروا على انفسهم مذلة غير مسبوقة وثقتها وسائط الإعلام ورآها القاصي والداني.
وبما أن الزيارة بالزيارة تذكر فإن من الواجب ايضا ان نعرج على زيارة اخرى مثيرة للجدل للرئيس المصري " عبدالفتاح السيسي" لألمانيا في ذات الايام رافقه فيها وفد مصري " شعبي" يتألف من ممثلين وممثلات ومغنيين ومغنيات وصحفيين، يدعون هم ايضا تمثيل قطاعات الشعب المصري المغلوب على أمره!
الكاتب المصري فهمي هويدي يقول في هذ الصدد ان اكثر ما همه في هذا الموضوع هو (  ابتذال مصطلح تمثيل الشعب فى ظل الفراغ الحاصل، حيث لا توجد أية جهة تمثيلية يمكن أن يدعى أحد أنها منتخبة من الشعب ولها الحق فى التعبير عنه (استثنى النقابات المهنية التى تمثل العاملين فيها). إذ ليس لدينا مجلس نيابى ولا مجالس محلية حقيقية، بل لم يعد لدينا مؤسسة نص القانون على استقلالها وأتيح لها أن تمارس ذلك الاستقلال على أرض الواقع. فى هذه الأجواء انفتح المجال واسعا لتزوير إرادة الشعب. وصار المسئولون والأبواق الإعلامية الخاضعة لتوجيههم يمارسون حريتهم فى التمسح بالشعب) انتهى حديث الكاتب فهمي هويدي.
(2)
حديث الاستاذ فهمي هويدي هو القاسم المشترك الأهم بين الزيارتين المذكورتين اعزك الله، وهو إنعدام التمثيل الديموقراطي الحر لمجتمعاتنا على اي مستوى من المستويات.
عليه فلو قررنا ان القبيلة هي كيان منبثق من عادات وتقاليد يحتم واجب احترامها عدم التدخل في طرائق إدارتها لشؤونها الداخلية فإن من الواجب ايضا ان نقرر عدم اختصاص كيانها الإعتباري بممارسة اي عمل سياسي او اقتصادي يفهم منه انه يمثل جميع افراد القبيلة ورؤيتهم للاشياء لإنعدام صفة الإختيار الديموقراطي الحر لهذا الكيان الاعتباري. إذ من هم زعماء القبائل تاريخيا، أليسوا هؤلاء الفئة المتكسبة المستفيدة من وضعية غير قانوينة تخولهم تزوير إرادة الناس، ألم تقم  كل السلطات غير الشرعية عبر تاريخ بلادنا منذ الاستعمار حتى اليوم بإسترضاء و استخدام الزعامات القبلية في تدجين الشعوب وكسر إرادتها وتضليل مساعيها؟
دع عنك هذا - يرحمك الله – وأنظر في المشهد الردئ الذي ظهر به زعماء القبائل السودانية في واشنطن وقبح السباب الذي قابلهم به بعض السودانيين المقيمين في امريكا على غير مالوف السودانيين وأخلاقهم.
ذلك – على فداحته-  قليل مما ابتلتنا به حكومة الإسلاميين من تردي وانحطاط في الخطاب، إذ دأب رئيسهم ومساعدوه، في خطاباتهم الممجوجة، على سفاهة بائنة ليس آخرها دعوتهم بعض قادة المعارضة للإغتسال من مياه البحر الاحمر واعلان التوبة ثم المثول للحوار معهم، وغير ذلك كثير وجميعكم يعلم.
وما زال منتسبوهم حتى هذه اللحظة من سلفيين واخوان ومن لف لفهم في منابر الجامعات والمعاهد السودانية ومساكن الطلاب يرهبون خصومهم ومخالفيهم بالشتائم والبزاءات المقزعة، ولن يهدأ لهم بال حتى يتفحش الجميع معهم ويتحول المشهد كله لماخور كبير.
هذا الخطاب المتطرف البئيس قابله خطاب متطرف اخر معذور مبرر لتلك المرأة التي رفعت صوتها في حدائق البيت الابيض وهي تصف زعماء القبائل السودانية بالقوادين، وقد شنع عليها بعض المتداخلين واعتبروها فاقدة للأدب والتربية ، بل وذهب البعض لوصم جميع المتظاهرين بقلة التربية والادب!
(3)
ان ما بدر من تلك المرأة او كل من ساندها امر مفهوم ومبرر يقابل من جهة اخرى خطاب التطرف الذي رفعته الحكومة الانقلابية في وجه ابناء السودان المعارضين لها من دمغهم بالكفر إلى العمالة مرورا بالسقوط الاخلاقي والتردي، وهي مخيرة.
هذه الصفات وإن كانت لا علاقة لها بالموضوع محل الخلاف إلا انها صفات قبيحة في حق ابناء الشعب السوداني وهي تحريف لسياقات مطلبية وسياسية صرفة يتم تحريفها من اجل ان يختلط المفهوم في ذهن الإنسان البسيط ويسهل التنكيل به وبالمطالبين بحقوقه.
حادثة المرأة السودانية التي تصف زعماء القبائل بالقوادين ذكرتني بعمل وثائقي اطلعني عليه احد الاصدقاء الايطاليين يدعى باولو.
كان هذا الشخص " باولو " يجيد اللغة الانجليزية بشكل استثنائي ويتحدث العربية العامية بطريقة اللبنانيين بحكم عمله في لبنان وفلسطين.
عرض علي احد الافلام الوثائقية التي صوروها للمهاجرين الافريقيين المتكدسين في اليونان وهم يحاولون العبور للتراب الايطالي مستخدمين كل الطرق الممكنة بما في ذلك وسائل شديدة الخطر عليهم.
جعلنا نستمع لشهاداتهم عن حياتهم في بلدانهم وفي ليبيا " منطقة العبور الرئيسية لأوربا، وكنا نستعرض في ذات الوقت شهادات اخرى اعددتها انا في جنوب ايطاليا لبعض المهاجرين الأفريقيين في تسجيل وثائقي آخر.
قلت له - بحكم معرفتي بليبيا وبوضعية هؤلاء الناس فيها: انهم يكذبون، وكثير من شهاداتهم غير منطقية.
قال لي: نعم نحن نعلم انهم يكذبون ولكن ذلك لا يهمنا، ما يهمنا هو الاسباب التي دعتهم للكذب!
حينئذ ادركت انه يتحدث عن القهر.
هذه المرأة في واشنطن وغيرها كثيرون تركوا السودان تحت نير القهر والظلم والهوان ، ونشأ بعضهم تحت هذه الظروف ، لذلك فإن ما يخرج به هؤلاء يعبر عن كثير من إرهاصات ذلك الماضي من افتقاد لكثير من المعايير التي ننعاها عليهم، او تعمدهم الخروج على كثير من السياقات للتعبير عن كفرهم بها .
كل ذلك له مبرراته من كتاب الواقع المعاش للإنسان السوداني المقهور، من باب العسف والقهر ومن باب اليتم والترمل والحاجة وتكفف الناس، ومن باب التشرد، واخيرا من باب الكفر بمسوح قيم يدعيها القتلة والمرتزقون والمتسلقون والمهرجون.
لو سألتني عن ما قالته تلك المرأة اقل لك: سلني عن القهر!
تحياتي
عبدالله الأحمر



السبت، يوليو 26، 2014

داعش المجني عليها تعيد للتاريخ نفسه، لو تعلمون!



جماعة تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" التي تقوم على الحكم في اجزاء شاسعة من ارض العراق وبعض من ارض سوريا " مغالبة" على راي ابن خلدون، تفرض على المسيحيين العراقيين ان يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون، او ان يغادروا ارض العراق كما يفعلون هم منذ صدور ذلك الفرمان الداعشي.
لا اذكر ان عقوبة الإعراض عن دفع الجزية كانت الطرد من اراض الدولة الاسلامية في عهود الاسلام الاولى، ولكن لا بأس فداعش لم تأت بجديد لو استثنينا العقوبة وعدم تحديد مبلغ الجزية شرعا!
كما ولابد من استثناء داعش من الالتزام بمبدأ الدولة الوطنية لانها لا تعترف به اصلا.
استنكر كثير من المشايخ وعلماء الدين الاسلامي سلوك اهل داعش مذ اعلانهم الخلافة الاسلامية مرورا بمثل هذه التشريعات "فرض الجزية" التي عدوها ضربا من التطرف والغلو الشديد في الدين وهذا امر غريب من المشايخ وليس من اهل داعش!
غريب لان المستنكرين من علماء الدين الاسلامي على خلاف الداعشيين لا يستندون في رفضهم هذا لحجج نظرية منهجية راسخة معروفة ومتفق عليها بالدليل، بينما يستند الداعشيون للارث الاسلامي المعروف الذي يبيح في حالات الشوكة والظفر والفتح اخذ الغنايم والعبيد و السبايا ومن ثم التسري بهن كيفما اتفق والتزوج منهن على هدى الاسلام!
لا ينبغي ان ينظر لهذا الحديث على انه قدح في اهلية الاسلام لو قدرنا حاجة المسلمين الملحة لاجتهادات نصية علمية جادة وشجاعة وجلية ومنطقية تعرض التجربة الاسلامية العملية في صدر الاسلام الاول وما تلته من عهود على النص القراءني الصريح بتفاسيره وعلى نصوص السنة القولية وحال السنة الفعلية والتقريرية بمقاصدها ومن ثم الخروج بمنهجية صريحة في غير تخفي وتعمية كي يستبين المسلمون ما لهم وما عليهم في غير تقية، وفي غير تبرير واجتهادات ارتجالية فردية يضطر لها كثير من المستنيرين من ابناء الامة الاسلامية المخلصين لاستيعاب الاسئلة الكبيرة عن منهج اسلامي يتسامح مع استعباد الانسان واهدار حقوقه المدنية.

يختلف علماؤنا ومشايخنا المسلمين بين "علماء وسطيون" او هكذا يسمون انفسهم ويرون بأن كثيرا من ممارسات الماضي قد تجاوزها الزمان، وبين علماء سلفيين لا يتسمون بالعصر ولا يدينون به ولا يعترفون بمخرجاته كحقوق الانسان التي تمثل عصارة الجهد البشري وما وتواضعت عليه الامم.
لكنهم وهم كذلك لا يصدحون ولا يدعون صراحا لضرورة الغنم والسبي والتسري وملكة الايمان والجزية وهذه الاشياء!
عدم دعوة هؤلاء المشايخ لعودة هذه المظاهر والسلوكيات في حياة المسلمين لا يعني إلغائها من تراثنا الفكري والديني، كما وان رؤية بعض العلماء لعدم توافقها مع العصر وسكوت الاخرين "السلفيين" عنها لا يعني إلغائها مادام وفي الحالين لا توجد حجج دامغة ومناهج متفق عليها بين المسلمين تحرم او تمنع او تجرم هذه الممارسات، وتبين في ذات الوقت الضرورة التي دعت لها قديما او الدليل النظري والعملي على ان وجود هذه المظاهر كان على سبيل التدرج المنهجي في ازالتها والتخلص منها كما يزعم بعض العلماء.
  
وحتى ذلك الحين ما الضير في ان يأتي الداعشيون او بوكو حرام او غيرهما فينفض عن هذه الممارسات غبار السيني ومن ثم يعيدها للحياة؟
على اقل تقدر فالداعشيون يستندون لمنهج و إرث معروف وصريح فما الذي يستند إليه مشايخنا اليوم؟
ثم دعونا نتحدث عن قضية اخرى احتج بها بعض الشيوخ وهي رفض خلافة داعش على المسلمين ولو صح ابطال خلافتهم فذلك يعني ابطال ولايتهم على الناس ومن ثم كل احكامهم، ويبقى ذات السؤال لهؤلاء وبشقيه العملي والنظري هذه المرة، ما هي شروط الخلافة و ولايتها على الناس من وجهة نظر اسلامية؟
ما هو المنهج الاسلامي المتواضع عليه في اقرار الخلافة و ولايتها على الناس (المسلمين)، وكيف يتوصل إليه عمليا؟ ومن ناحية عملية ايضا، ما الذي اعطى المشروعية لكل الولاة من لدن معاوية بن ابي سفيان إلى يوم الناس هذا، أليس الغلبة (على راي ابن خلدون ايضا)؟
إن كانت (الشوكة) الغلبة هي اساس الحكم في كل الارث الاسلامي فإن الداعشيون غلبوا الناس على حكمهم وعلى امرهم، أليس من يغلب الناس على امرهم يصبح ولي امرهم؟
إذا ما الضير في ان تقيم حركة داعش خلافة اسلامية، وما الضير في ان يصبح ابوبكر البغدادي خليفة المسلمين، ؟ يقول احد الشيوخ ان البغدادي لم تحصل له الغلبة على كل او غالب بلاد المسلمين وهذه مسألة وقت.
عليه فخلافة البغدادي حسب الموروث الاسلامي لا يمكن ردها وتشريعاته المستمدة من الاسلام لا يمكن بحال من الاحوال ردها، لا من باب عدم شرعية ولايته ولا من باب انها مخالفة للاسلام.
يذكرني حال المسلمين هذا بمعادلات الرياضيات، عندما يكون عدد المعادلات اقل من عدد المجاهيل التي تحتويها تلك المعادلات، في مثل هذه الحال لا يمكن حل اي معادلة منها، ولا اود ان اشبه هذه الحال بلاعب الورق "الكوتشينة" إذا اكتشف ان الاوراق التي يحملها اكثر من منافسيه!

عبدالله عبدالعزيز الاحمر
طرابلس- ليبيا
26 يوليو 2014




الثلاثاء، يونيو 03، 2014

عن أي سياسة تتحدثون



بالإمكان فهم ان السياسة لعبة قذرة ، وهذا مقدور عليه لكن الذي يصعب فهمه هو ان تكون هذه اللعبة بلا قواعد!
تحدثنا في هذا المقام من قبل عن ان ما يحرك كثيرا من اقطاب واحزاب معارضتنا التي كانت ( وماتزال بعضها) تقيم في دول الجوار لا يمكن ان يكون هو الحرية والديموقراطية لشعوب السودان، لو ألقينا مجرد نظرة عابرة على شعوب تلك البلدان المجاورة كإريتريا حيث عانت وتعاني حتى الان الامرين من عسف انظمتها الدكتاتورية والتي كانت تقدم المساعدة السخية لطلاب الحرية والديموقراطية القادمين من السودان!!
القضية هنا اخلاقية وانسانية بامتياز، حتى ولو سلمنا جدلا بانعدام المبادئ والثوابت في السياسة، فإن القواعد الحاكمة لأي عمل لا يمكن ان تخرج عن إطار المنطق، والمنطق البسيط في هذه المقارنة يحدث بأخلاقية وانسانية القضية، ما يذكرنا برفض الزعيم الافريقي العظيم مانديلا الاعتراف والتعامل مع دولة اسرائيل تقديرا لأشواق وعذابات شعب فلسطين، وتقريرا لحقيقة ان الحرية واحدة كما ان العسف والاستبداد واحد، وعليه لا يمكن لشعب جنوب افريقيا ان ينشد كرامة ينكرها على غيره من شعوب الأرض، وانعدمت كل التقديرات البراغماتية التي تمليها " ما يعرف" بالضرورة.

ذكرنا حينها اخلاقية وانسانية القضية إزاء تناسي رموز معارضتنا لمعاناة تلك الشعوب وصمتها عن تذكير أولئك الرؤساء بواجباتهم تجاه شعوبهم فقط لمجرد انهم يقدمون لهم الدعم وكرم الضيافة من اجل مقاتلة  حكوماتهم!
ينسى هؤلاء ان مواقف السياسة سريعا ما تتبدل تبقى معايير الاخلاق.
ويسير على المرء ان يدفع ثمن موقفه الإنساني بل ويعتز بذلك، من ان يدفع ثمن التقلبات السياسية والتي قد تقذف به في العراء لمجرد تبدل مصالح اصدقاء اليوم مع اعداء الامس.
و هذا ما حدث مع المعارضة الدارفورية في تشاد عندما تحسنت العلاقات بين نظامي انجامينا والخرطوم إذ لم يجد ابراهيم خليل رحمه الله غير الفرار لليبيا آنذاك.
وتتكرر الشواهد – اليوم- من خلال تهافت رموز المعارضة السودانية على تأييد ما جرى للإخوان في مصر على يد العسكر وذلك كراهية في ونكاية بأخوان السودان الانقاذيين، وهم يعلمون - وهذا اهون الفرضيات - ان ما حدث في مصر هو انقلاب على الشرعية مثله مثل الذي حدث في السودان قبل ربع قرن وتعظم مصيبتنا فيهم ان كانوا لا يعلمون!
ومن بؤس المفارقة ان تداعت قلوب وأشواق انقلابيي السودان لاخوانهم في شمال الوداي بالسهر والحمى وهم يزج بهم في السجون من قبل " السيسيون الجدد"  وما كان اغناهم عن ذلك وهم من فعل بالأحزاب والقوى المدنية في السودان مثلما فعل السيسيون بإخوانهم، بل و ان السيسي العسكري فعل ذلك بمباركة وتواطؤ الساسة المدنيين وقادة العمل المدني بيد ان مدنيي السودان " الاخوان" هم من فعل ذلك و بمباركة ودعم الجيش.

فعن أي سياسة تتحدثون؟
هذه لا يمكن بحال من الاحوال ان تسمى سياسة، ولا حتى لعبة سياسية، هي فقط لعبة تماما مثل الحكم في تقدير السيد مصطفى عثمان (صاحب مقولة شعب الشحاتين) إذ مثله طوال حوار تلفزيوني بالـ "الكيكة" وكان يتحدث فقط عن كيفية تقاسم هذه الكيكة، أي تقاسم السلطة مع الآخرين، اما شيخه الترابي فقد تذكر ان محاكمة الجناة في انتهاكات النظام الانقاذي في دارفور تتطلب تسليم رأس النظام السوداني وفقا للاتفاقيات والسوابق القانونية التي باركناها في يوغسلافيا، وان لم نفعل فلسنا من الاخلاق في شئ لكنه تناسى هذه الدعوات هذه الايام وظل يتلوى كعهده بأن لو ارتضينا ولو ارتأينا وهلمجرا...
هكذا هي السياسة في بلادي يا اخوتي!

عبدالله عبدالعزيز الأحمر
طرابلس- جنزور
5 يونيو 2014



الأحد، يوليو 07، 2013

بين النخب والعامة – تجارب حكم وآراء محكومين!

تقليديا ظلت شؤون الحكم والعمل العام من صميم اهتمامات النخب المثقفة والمفكرة و( المتعلمة في مراحل مبكرة)، ولم يكن رجل الشارع العام إلا متبعا بسيطا، تحركه الشعارات الفضفاضة التي تلامس بعض المفاهيم المحدودة واللصيقة بشؤون حياته واحيانا دينه!
مما اسفر عن علاقة شائكة بين انظمة الحكم وبين قطاعات هذه النخب استرضاءا واستمالة وتلهية (إحتواءا) من جهة واستعداءا وترهيبا من جهة اخرى، فيما توزع اهتمام هذه الشريحة المثقفة والمتعلمة – إلى حد بعيد - بين  منازلة الاستبداد والفساد في الحكم وبين استنهاض الوعي  واليقظة والتعليم – ولو نظريا- بين شرائح المجتمع المختلفة بحسبان المعرفة هي الطريق الاقصر لتنمية مشاركة الشعوب في صياغة حياتها والمطالبة بقدر اكبر من العدالة والتنمية والحرية وحكم القانون، ليس في عهود الديكتاتوريات والحكومات الاوتوقراطية فحسب ولكن في عهود الديموقراطيات الوليدة والهشة جراء انعدام الوعي العام بمفرداتها واستحقاقاتها.
التجربة العملية اثبتت ان العلاقة بين الحكومات وبين النخب قد لا تكون هي الطريق الوحيدة لعامة الناس، بل وقد لا تمثل شريحة المثقفين، ولا تعكس معاناة الشارع العام وهمومه بشكل مباشر في ظل  انشغالها بقضايا فكرية وتفاصيل اكثر تعقيدا وترفا، مما خلق علاقة جديدة بين كثير من الانظمة ذات القيادات المنحدرة من طبقات الشعب الدنيا وبين جماهير الشعب (أمريكا اللاتينية)، تلبي رغبات الانسان العادي وتعكس تطلعاته البسيطة.

ما حدث في مصر بعيد الانتخابات الاولى بعد ثورة 25 ياناير يمثل فارقة إذ اعتبرنا ان وصول الرئيس المصري محمد مرسي لكرسي الحكم لم يتسنى  من قبل شرائح المجتمع المستنيرة  ولا عامة نخبه المثقفة ممثلة في فنانيه ونقابييه و سياسييه في المدن الكبرى ومراكز الحضر، مما خلق هوة كبيرة بين انسان المدينة الاكثر تحضرا وبين البسطاء الأميين والأقل تعليما في انحاء مصر من قبيل الصعيد المصري وغيره، لكن هذه الهوة او الظاهرة الجديدة لم تكن حاسمة في اثبات فشل النظرة الكلاسيكية لشريحة النخب  ومن جهة اخرى فإن النخب المثقفة رغم عدم رضاها وتوثبها لاسقاط رئيس حملته للسلطة طبقة غير متعلمة وغير مدركة لجسامة اختيارها لم تكن تملك مفاتيح الحل ولا القدرة على التصدي لرئيس شرعي جاء على اكتاف البسطاء وغير المتعلمين، لكن السلطة الحاكمة لم تظهر اهتماما ولا برامج لدعم هؤلاء البسطاء علاوة على استعدائها للشريحة النخبوية بتصرفاتها وقراراتها المتهورة وغير الحكيمة مما اكسبها عداوة النخب وسحب منها او اضعف مدافعة البسطاء والعامة فسقطت الحكومة على نحو غير قانوني، مسخوطا عليها من قبل النخب وغير مأسوف عليها من قبل العامة...
التجربة العملية هنا تضعنا بين مقارنة ما جرى في مصر وما جرى في بعض دول امريكا اللاتينية، بين انتصار النظرة الحديثة للعامة والاعتماد عليهم والتواصل معهم مباشرة وبين ما يمكن ان تقدمه هذه الحكومات من اجل اقناع هؤلاء العامة بجدوى اختيارهم دون الحاجة – بالطبع- لإستثارة الاخرين بقرارت وتصرفات غير محسوبة، لنقرر بأن سلوك الحكومات في كل الاحوال هو الذي يثبت أو ينفي صحة النظريات وليس البحث العلمي المجرد.




الخميس، مايو 09، 2013

السفارة السودانية بليبيا والإبن البار الحاج ماجد السوار

 في زمن اسيف كالذي نعيشه نحن بني (سودان) وحكومات كحكومة المؤتمر الوطني فإن قيام الوزير اوالسفير او الرئيس بواجبه  يعد امرا خارقا، غير طبيعي وغير متوقع من الجميع بمن فيهم ( اركان ) حكومته بل وحتى هو شخصيا قد لا يصدق ما قام به، فيستحق – لذلك- التمجيد كله، ناهيك عن حجم وشكل الواجب الذي قد لا يعدو طلاء حائط في سفارة او تركيب حنفية في شارع عام أو إزالة بعض الشبابيك الخشبية واستبدالها باخرى من الألمونيوم...
يضاف إلى ما ذكرنا حجم المصطلحات والألفاظ التي ادمنها السودانيون في عهد الإنقاذ المجيد، كإستخدام كلمة (طفرة) في تصوير مشروع زراعي معزول حال حصاده بأنه طفرة زراعية وتصوير المهزلة الاقتصادية – لدينا- على انها (طفرة اقتصادية) تشهدها البلاد في ظل حكومة ( إلكترونية ) تستخدم السجلات الورقية ليس نكاية بدافعي الرسوم من السودانيين المغتربين الذين يضطرون للإحتفاظ بإيصالات تجديد جوازاتهم في بلاد الغربة لسنوات لكي لا تجبرهم سلطات ( المغتربين) على الدفع مرة اخرى عند زيارة السودان في حال ضياع الإيصالات التي يحتمون بها رغم وجود نسخة اخرى ( كربونية) يمكن (تصويرها) وارسالها من الاقسام القنصلية جوا او برا او حتى بحرا لأقسام الحكومة (الالكترونية) في الخرطوم رحمة بهذا المواطن المغترب المسكين، لكنها كما قلنا لا علاقة لها بالنكاية والإزدواجية و الاستقصاد لشعوب السودان المهاجرة بقدرما انها إزدواجية الحكومة الإلكترونية والحكومة اللاإلكترونية! إحداهما موجودة على الارض والاخرى في نشرات الأخبار.
كما قلنا فللألفاظ (المصطلحات) حضور فخم ودائم في ذهن السودانيين الذين تم إنقاذهم بحكومة المؤتمر الوطني قبل ربع قرن، ولكي لا تتهموني بالتنطع فإليكم بعضا مما كتب في لوحة كبيرة تم تعليقها في واجهة القنصلية السودانية بطرابلس بليبيا، ولهذه السفارة قصص تطول عندما نعلم ان في السفارة حاج ماجد محمد السوار وما أدراك ما السوار، ولعلكم لم تنسوا قصة هذا الرجل مع السودانيين من منبر التعبئة السياسية بحزب المؤتمر الوطني بل لعلكم لم تنسوا قصته مع الامريكان ايضا عندما تجشم مشاق السفر للمشاركة في مؤتمر الشباب العالمي بامريكا متناسيا ان على أمثاله الإنتظار لإسبوعين من اجل الحصول على التأشيرة الأمريكية، لكنه تقدم للتأشيرة قبل اسبوع من موعد المؤتمر فرفضت السفارة الأمريكية تمكينه من ذلك فركب الرجل رأسه و( عربيته ) الفارهة واتجه لوزارة الخارجية ظنا منه بأن الوزير الانقاذي سوف يخرج ببيان إقفال السفارة الامريكية بالخرطوم او استنكار ماجرى في بيان رسمي، لكن الذي جرى هو ان الوزارة قد اكتفت بشرح ما كان ينبغي على السوار فعله! كما عدت ذلك من قبيل الحرج السياسي في غير وقته
هذا السوار عين سفيرا للسودان لدى ليبيا ليكون اول سفير سوداني في ليبيا ما بعد القذافي، وللرجل نضالات مشهودة في امانة التعبئة السياسية بالمؤتمر الوطني (الحزب الذي انقذنا عام 1989) ووزارة الشباب والرياضة، هذا الرجل السوار قام بصيانة الصالة الرئيسية بالقنصلية السودانية بطرابلس مما يعد مفارقة وإنجازا تاريخيا ودليلا على ان السودان سيظل في حدقات العيون الإنقاذية.
وللأمانة فإن مشهد الصالة فيما قبل كان شديد الزراية والاسى لكن الله قيض لها من حيث لم نحتسب رجلا كحاج ماجد السوار هو وأعوانه البررة حيث لم يكتفوا بواجب صيانتها فحسب ولكنهم ثنوا ذلك الإنجاز بإنجاز آخر عندما علقوا لافتة  كبيرة عند مدخل القنصلية كتب عليها ما يلي:
( وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)
تمت صيانة صالة الجمهور وإنشاء كاونترات بالقسم القنصلي في عهد أبن السودان البار السفير/ حاج ماجد محمد السوار حفظه الله
بإشراق لجنة مكونة من المذكورين أدناه:-
1- العميد شرطة/ نصر الدين رحال حسن
2- سكرتير أول/ احمد صلاح بيومي
3- سكرتير تاني/ سهيل محجوب صالح
4- المدير المالي/ سيف الدين محمد عبيد
5- الملحق الفني/ محمد آدم تاج الدين
وسيظل السودان وطنا في حدقات العيون
هذه اللوحة إهداء من / عبدالرحيم بخيت - منفذ الكاونترات.... أنتهى
لاحظوا حجم الألفاظ (المصطلحات) في قوله (())))))))((()(عهده) وابن السودان (البار)!
هذا ولله الامر من قبل ومن بعد                       
عبدالله عبدالعزيز الأحمر
طرابلس- جنزور الشرقية
الخميس 9 مايو 2013



الثلاثاء، ديسمبر 18، 2012

محكمة الجنايات الدولية - الحاضر الغائب في مأساة سوريا



( وحاجة النظام الدولي للإصلاح )
محكمة الجنايات الدولية وهي مؤسسة قانونية حديثة الإنضمام لمؤسسات المجتمع الدولي, من إسمها وتخصصها تبدو الكيان الأكثر اهلية لتعزيز ثقة الإنسان العادي (حول العالم) في وجود مجتمع دولي ذي مؤسسات متماسكة وضرورة إنتماء كل الدول لهذه المؤسسات من اجل ضمان حماية الإنسان الفرد كأولوية قصوى يتجاوز واجب ادائها كل الحدود والنظم الوطنية، وهو ما يشكل جوهر إختصاصها كونه إنساني عالمي وتكميلي، ومن جهة اخرى فهي احد الأجسام المؤسساتية المهمة التي تدعم الخط الفكري للرأسمالية الغربية الساعي لربط العالم كله بمؤسسات تصب في مصلحة نظام عالمي ظل يبشر به منظرو الغرب على انه النهاية الحتمية والوحيدة لصراع البشرية من اجل نيل حقوقها والإعتراف بكرامتها بشكل ينبي حتى بنهاية التاريخ تحت مظلة نظام هذا النظام الذي يشترك في اقتصاد سوق واحدة ونظرية سياسية واحدة في إطار ليبرالي.
مساعي الغرب والأمريكيين لحسم الصراع لصالح الديموقراطية الليبرالية بحسبانها اسمى ما يصبو إليه إنسان من اجل تحقيق كرامته والتي يرى الفيلسوف هيقل انها (الكرامة) تبرر تضحيته بكل المكتسبات المادية المتمثلة في ذات وجوده المادية من اجل تحقيقها وهي لا تعدو كونها شعور مجرد (الثيموس) كما يعرفها اليونانيون, فهي تتحقق لدرجة التلاشي, أو عدم الحاجة لذكرها في مجتمع ديموقراطي يضمن لمتساكنيه المساواة الكاملة في كل الحقوق ويوفر لهم غاية اسباب الرفاه بشكل تنتفي معه حاجة المرء للإعتراف القديم بكافة وجوههه (كرامته).
هذه الكرامة المشتركة او لنقل المساواة التي قدر لها ان تحسم كل حاجة لإستنفار مفهوم الكرامة, ما كانت لتتحقق لولا التقدم الجوهري في تحقيق مبادي المساواة امام القانون، مما اكسب القانون قدرا كافيا من الإحترام ومن ثم النظام الذي تبنى واطر وحمى هذا القانون.
هذه الحقيقة ظلت غائبة – جوهريا- في كل مراحل تشكيل وتصدير نظام عالمي يقوم على ذات الابجديات لدول العالم الثالث (مخزون الموارد الخام), فبذات القدر الذي يصور به مفكر كبير كفرانسيس فوكوياما المشروعية على انها الإحتياطي الذي تلجأ إليه النظم الديموقراطية عند حدوث الأزمات و الإخفاقات فإن النظم الإستبدادية تفتقر لهذا الرصيد مما يضعها أمام صعوبات قد تعصف بها عند بروز اول اخفاق، نجد ان النظام العالمي يبدو فاقدا لأي مشروعية لدى المواطن العادي في العالم الثالث لأسباب كثيرة ليس اهمها الخلفية التاريخية (الإستعمار) التي شكلت وعيه تجاه العالم الأول, ولكن لرسوخ ممارسات آنية اقتصادية وسياسية تجاه هذا الإنسان لا تقل وحشية عن حقب الإستعمار الصريح وهو بالتالي (أي النظام العالمي) لا يبدو اكثر رحمة من النظم الإستبدادية (الحكومات القطرية) التي يعاني منها.
لذلك فإن محاولة تطويق العالم بمؤسسات دولية شاملة تحد من الفوارق في انظمة الحكم سياسيا واقتصاديا وقانونيا لا تعدو كونها أمرا واقعا مفروضا تقبله بلاد العالم الثالث حكاما ومحكومين بشكل مرحلي دون ان يمثل ذلك القبول إلتزاما أخلاقيا وقانونيا حقيقيا ولا يرجع ذلك للدور الهامشي الذي لعبته هذه الدول في صياغة ذلك النظام ( وهو موضع تفصيل يضيق عنه المقام) ولكن لإهتزاز صورة القانون الدولي وإنعدام المساواة في حقوق الإنسان الفرد امامه, ولا يحتاج المرء لإثبات اهمية  المساواة امام القانون في منحه مشروعيته كقانون, وبذات القدر فإن مشروعية القانون هي التي تمنح المشروعية السياسية والإقتصادية لأي نظام. ولو استثنينا مجلس الأمن الدولي من هذه الرغبة المثالية في رعاية عالم متحضر يحترم الإنسان ابتداءا فإن امتداد الفشل في تحقيق المساواة امام مؤسسة قانونية كمحكمة الجنايات الدولية يعد امرا مخجلا بحق, كيف لا يكون ذلك كذلك وهي قد استحدثت على مبداي السياسة والقانون المتمثل في ولاية مجلس الأمن وهو هيئة سياسية على المحكمة وهي مؤسسة قانونية كمصدر إحالة ملزم في حال توافقت مصالح القوى المكونة له، وسوف لن نحتاح للإستشهاد بحصول الولايات المتحدة الأمريكية على حصانة لجنودها المشاركين في غزو العراق وافغانستان من الملاحقة القانونية ومن ثم المثول امام محكمة جرائم الحرب، عندما تبرز المقارنة الأشهر بين ما أرتكبته آلة القتل الإسرائيلية في فلسطين وما قامت به حكومة السودان من جرائم في دارفور بالتزامن، ثم تأتي سلسلة الجرائم المخجلة التي يرتكبها النظام الحاكم في سوريا وهي الأكثر نطقا بفداحة ما يمكن ان يصمت عنه قانون لو قدرنا ان ذات محكمة الجنايات كانت قد وزعت اتهاماتها مبكرا جدا لعقيد ليبيا وإبنه ورئيس مخابراته جراء ارتكاب والتحريض على ارتكاب جرائم حرب، ولو توخينا الأمانة فإن ما يجري في سوريا يفوق حد المقارنة والوصف قياسا لسرعة تحرك المجتمع الدولي في حسم قرار التدخل ضد العقيد الليبي بمحجة منعه من استخدام الطيران ضد المدنيين وكأن الذي يقصف السوريين اليوم هو ليس بطيران حربي!
ولا يمكن بحال من الاحوال قبول التزرع بعدم قدرة المجتمع الدولي على التحرك جراء الفيتو الروسي إلا على انه دليل فشل آخر للنظام العالمي على كل اصعدته السياسية والقانونية، مما يستدعي البشرية ان تنتظر لعقود طويلة  حتى تبلغ غاية نهاية التاريخ وخاتم البشرية الذي يحلو لفرانسيس فوكوياما، ناهيك عن ارتيابه فيما لو كان الإنسان الغربي ذاته ورغم تحضره المادي الملحوظ قد بلغ تلك الغاية! عليه فإن الإفتراض بأن التاريخ قد لا يعيد نفسه في بربرية جديدة  يشهدها القرن الحادي والعشرون امر لا يتوفر على ضمانات ولو نظرية في كوكب الارض.

ايطاليا- سان جيوفاني انكاريكو
17 . 12. 2012