الصفحة العربية الرئيسية

الثلاثاء، يوليو 26، 2011

عادل الباز وياسر عرمان ( أهكذا تسير عجلة التاريخ؟)


دارت في مخيلتي أسئلة محمولة بالإحباط عندما قرأت مقال السيد عادل الباز المنشور بتاريخ 25 يوليو على صفحات سودانايل تحت عنوان " ياسر عرمان واحلام الزمان "
وأحسب ان تعريف الزمان ب (ال) عن خطأ مطبعي مسموح أما لو كان يقصدها فسيصبح العنوان محيرا وفي حاجة لتفسير ايضا..!
أما ما ذهب إليه الباز في ذاك المقال من قفزات واجتهادات فهو الحيرة بعينها، إذ كان  شديد الإسفاف وكأن للرجل  في رؤاه حول الحكومة والأزمة السودانية عالم آخر يستلهم منه الأحداث ثم يخرج علينا با لأحكام  على صور لا نملك معها إلا الإشفاق عليه ثم الصبر الجميل.
فالسيد الكريم يفتتح مقاله المذكور بالبيان الصادر عن الحركة الشعبية قطاع الشمال والموقع من كل من السادة " ياسر عرمان وعبدالعزيز الحلو ومالك عقار"، ويرى أن الحركة الشعبية اختارت ان تقذف بالسودانيين في اتون حرب نتائجها المؤكدة هي خلق دولة فاشلة!
هذه الحقيقة كما يقول الأستاذ عبدالله الطيب تنظر بطرف العين لمؤشر الدول الفاشلة الصادر في يونيو المنقضي  عن صحيفة " الفورين افيرس" الأمريكية وتحمل ياسر عرمان وحربه على الحكومة المسؤولية بأثر رجعي وفات على كاتبنا أن يجد تبريرا لفشل الدولة السودانية في الأعوام السابقة لتمرد عرمان ومجموعته.
كل عاقل يدرك أن الإحتراب لا يجر على الكيانات البشرية غير الدمار والكراهية وبالتالي الفشل غير أن الخوض في شأن الفشل في دولة السودان يستدعي إعادة النظر في منشأ كل أزمة ودرجات تطورها وأدوار الجهات المختلفة فيها، ويسير على الأفهام وللوهلة الاولى ان تقرر فشل الحكومة السودانية - دون تدخل من أحد- في إدارة أزمة الفساد (مثلا) في أروقتها وترهل جسم الدولة الإداري دون دواعي منطقية وفشل الدولة حتى في إدارة حوار داخل كيانها الحزبي الواحد (المؤتمر الوطني) بشكل ديموقراطي فما بالنا نبحث للحكومة السودانية عن عدو خارجي – وهم كثير- يبدأون بقطاعات عريضة من الشعب المسحوق والمعارضة الحزبية وحاملي السلاح ومن يفكرون في حمل السلاح مرورا بدول اقليمية وعالمية وصولا لأمريكا وإسرائيل، وعند إسرائيل وأمريكا مربط الفرس فهما مصدر شقاء السودان والسودانيين( نظرية المؤامرة)!
لكن حتى وجود إسرائيل في قائمة العداوات للحكومة السودانية ( كدليل مؤامرة) لا يصنع لها مبرر فشل في إدارة ملفات كالتي ذكرنا ناهيك عن فشلها وعدم رغبتها في إدارة حوار جاد مع جميع القوى السياسية  السلمية والإكتفاء من ذلك بتسفيه هذه القوى والإستخفاف بها وهذه القوى والتيارات بدورها عاجزة عن أي فعل، هذه القوى السلمية ممثلة في الأحزاب التقليدية الكبرى وغيرها تتحمل دورا كبيرا في أسباب ضعفها وعجزها عن تنظيم جماهير الشعب السوداني في تظاهرات اقل ما يمكن ان تجنيه منها هو إيصال رسالة للحكومة بتصحيح المسار وإعتماد الحل الديموقراطي لقضايا البلاد.
لكن الهوة بين هذه الأحزاب وجماهيرها جعلت تتسع جراء إهمال الأحزاب لشكل العلاقة مع الجماهير وعدم ارتباطهم بشكل قاعدي بيوميات الحياة للشعب بشكل يوثق العلاقة ويبني الثقة بين الجماهير وقواها السياسية والمدنية ويجعلها مؤمنة بصدق توجهاتها في حال استنفرتهم للخروج والتظاهر.
أما بالنسبة للحكومة فضعف هذه الأحزاب لم يكن يتمثل فقط في عدم قدرتها على تحريك الشارع ولكن في عجزها عن حمل السلاح ياباز!
أليس في تهديد الرئيس البشير المتواصل ومساعديه ومستشاريه وإستفزازهم للآخرين بحمل السلاح لو استطاعوا من أجل إقتلاع هذه الحكومة أليس في ذلك عبرة ودليل للأستاذ الباز؟
ألم يذهب الرئيس لحد التأكيد بأن هذه الحكومة اقيمت بالبندقية وأن من أراد أن يقتلعها فليقتلعها بالبندقية؟
لا أدري كيف غابت هذه المعاني عن ذهن الباز وهو يكتب؟.
ثم إن الجولات الماراثونية للمفاوضات التي خاضتها الحكومة في السنوات القليلة الماضية، ألم تكن بناءا على التوازنات العسكرية، ألم يكن موقف الحكومة من أحمد عبدالواحد أنه لا يمثل حضورا عسكريا يذكر في الأرض ومن ثم فإن إعراضه عن التوقيع في ابوجا –آنذاك- لن يضير الإتفاق..؟
أننا لا نتفق مع عبالواحد بحال من الأحوال بل ونختلف معه فيما ذهب إليه ولكن تبرير الحكومة وفعلها لا يقومان إلا على مبدا التوازنات العسكرية ومنطق البندقية والقتل، بينما السيد عادل الباز في مقاله المثير هذا يقرر مرة ثانية أن العصر الحديث يصعد النضال السلمي كأداة حاسمة للشعوب لنيل حريتها وحقوقها وأن عرمان يحاول ان يعود بعجلة التاريخ للوراء بعودته لشعارات الكفاح المسلح، وأستأذن القاريء الكريم في ايراد مقطع من ذلك المقال: ((يرغب الأستاذ ياسر عرمان بإعادة عجلة التاريخ للوراء إذ عاد لشعارات الكفاح المسلح. تلك ممارسة قديمة انتهى عصرها ففي العصر الحديث يصعد النضال السلمي كأداة حاسمة للشعوب لنيل حريتها وحقوقها وويل لسياسي  لا يعيش عصره ويحاول استعادة نماذج مستجلبة من الماضي في حين أنَّ أفقا وعصرا أكثر إشرقا قد أطلا على البشرية وتنسمت الشعوب ربيع الثورات، من الخطر أن يعيش السياسيون في مراتع طفولتهم النضالية ولا يكتفون باستقاء العبر. كيف يمكن للسيد ياسر عرمان أن يفكر في بناء جيش يوزاي الجيش الوطني  في الشمال ويرغب في ذات الوقت أن يعمل كسياسي يعمد على تسجيل حزب مدني؟! كيف تسمح دولة تحترم نفسها بجيوش أو ملشيات تنتهك سيادتها وتعبث بأمنها. للسيد ياسر أن يعلن أنه تمرد على الدولة وحمل السلاح في وجهها ـ وذلك خيارـ لن يكون هنالك خيار بحمل السلاح وتكوين حزب سياسي)). انتهى كلام عادل الباز
لو كان للباز من ناصحين لحملوه على التراجع عن كثير مما ورد في هذا المقال أو على الأقل هذه الفقرة السابقة فالدولة التي تحترم نفسها لا تسمح بجيوش او مليشيات تنتهك سيادتها ولكن عن اي سيادة يتدحث استاذنا الباز؟
لم يكن مستعدا استاذنا الباز هذه المرة.
أي حكومة محترمة لا تسمح بذلك، ولكن حكومة السودان سمحت بجيوش "مني اركوي مناوي" وسمحت بجيوش "الحركة الشعبية" وسمحت بجيوش العالم كله تجوب ارض الوطن وتنتهك – على حد وصفه- كرامة الدولة التي يتباكى عليها.
يبدو أن الباز لم يعد يقرأ الأخبار ناهيك عن قرآءة التاريخ.
فالحاجة ملحة وحتمية لمنطق علمي رصين لا يجهل او يتجاهل حركة التاريخ الحقيقية كجزء من الواقع المعاش وليس الأوهام المتخيلة، والحاضر السياسي يقول بإعوجاج مسلك الحكومة ومعارضيها (حاملي السلاح) والحمائم منهم  ويبقى الوزر الأكبر على الحكومة التي فرضت الدروب العسيرات على نفسها وعلى كل باحث عن حل لمشكلات الوطن المتفاقمة.
الحكومة بهذا المسلك، تدمر كل الحاضر والمستقبل ولا تستبقي كرامة لها ولا للوطن ولا للمعارضة ، فشأنهم كشأن المجنون الذي لا يهدأ حتى يهدم كل شيء فيهلك ويهلك كل من حوله.
وما اجتماع أهل الدراية والنقد والتحليل والنصح الذي يأتينا من هنا وهناك إلا للأخذ بيدهم لكي لا يهلكو ويهلكونا كما أوصى بذلك الرسول الكريم، وكنا نتعشم لو أن عادل الباز كان أحد هؤلاء.
وتزداد حيرتي حين يقول عادل الباز: ((مرة أخرى تخطئ الحركة إذ تحاول الاحتفاظ بجيشها وسيلة للضغط السياسي فلقد ولى زمان السلاح الذي يمكن أن يحقق مكاسب  ولو ذلك ممكنا لكان القذافي والسيد بشار اليوم منتصرين في حربهما ضد شعبيهما))
لا أظن المقارنة هنا بين حاملي السلاح في السودان وكلا من القذافي  وبشارالأسد تستوي إلا في فهم  السيد الباز، ولا أدري كيف ربط بين هذه وتلك وكيف يستطيع السيد الباز تبريرها اللهم إذا أراد القول ان هؤلاء المتمردين هم القابضين الآن على السلطة والبشير ومستشاروه وخاله يبحثون عن إعادة السلطة للشعب او لأنفسهم لا ادري.
حتى ميزان المقارنة من ناحية استخدام القوى لا يستوي ان ينظر إليه فلله در القرآء كيف يصبرون.
ثم يطرح السيد الباز سؤالا آخر حين يقول: (هل يمكن للسيد ياسر ورفاقه إخضاع الحكومة أو المؤتمر الوطني لأن بأيدهم سلاح؟)
لكنه لا يكلف القارئ المغلوب على امره مشقة الإجابة إذ يباغته بالجواب: ( محض وهم)
أخشى على السيد الباز ان يضطر في يوم للكتابة في جريدته الموقرة عن اتفاق عسكري بإعادة انتشار وتنظيم قوات الطرفين وما إلى ذلك من مصطلحات العسكريين الذين مسحوا من قاموس حياتنا كل مصطلحات المؤسسية والديموقراطية والمحاسبية والشفايفة وحكم القانون وتدرج السلطات حتى تصل للسطلة الرابعة التي يمثلها السيد الباز ... ليكتب لو اتيح له وهو يقظ.
ويختم السيد عادل الباز بالقول: ( من حق  السيد ياسر عرمان أن يحلم ولكن عليه وهو يسعى لتحقيق أحلامه فحص أدوات تحقيق الأحلام جيداً، إذ إن نماذجها متغيرة وليست صمدية ستخدام أدوات الضغط والتغيير تختلف من عصر الكفاح المسلح إلى عصر الثورة السلمية)
للسيد الباز ايضا الحق في أن يحلم ولكن لا يمكنه أن يكتب وهو مستغرق في الأحلام  فلابد لحامل القلم من اليقظة لأنه بذلك يستطيع فحص ادواته جيدا ايضا.
نعود للسؤال الذي طرحناه كعنوان لهذا المقال هل هكذا تسير عجلة التاريخ؟
للأسف أنها تسير
تسير جراء إخفاق السيد عادل الباز وإخفاق حكومته المبجلة وإخفاق ياسر عرمان ولا اريد ان أخوض في بحر أعمق قأقول ونتيجة لإخفاقنا جميعا كسودانيين!



السبت، يوليو 23، 2011

بلادي التي تقدس الأحزان ( زيارتي للسودان)


شدما اسفتني زيارة بلادي، وكنت قد طال بي الغياب، حتى التقينا، أنا وبلادي، وعيون بلادي، بعيد عشرين عاما فصلتني فيها الجغرافيا وعوامل ومقادير اخرى عن رؤيا بلادي، فنما الحنين والشوق والعشق، ثم عدت يا صحاب إلى بلادي،بلادي التي تقدس الأحزان.
بلادي التي تزرع الأحزان تغرسها في رحم الأرض وتسقيها مع كل شروق شمس، من انين المألومين وصرخات المكلومين الحيارى، بلادي التي تغذي عوالم البكاء والحيرة والألم والمأساة.
لقد تركت الأيادي الآثمة التي غزت بلادي بصماتها في كل بيت وفي كل نفس فتغير الناس في بلادي واصبحوا يحفلون بالتذكر وتمني الآفل من مسرات، إذ شظف العيش وضيق ذات اليد يفتحان هوة من الأسئلة اللامعقولة بلا إجابة وبلا تفسير.
إنها حياتنا التي تتعهد الألام والأحزان حتى تكبر، في مخادع المشعوذين والدجالين، وفي غياهب الظلم البشري إذ يظلم الإنسان أخاه الإنسان ثم يظلم الإنسان نفسه عن جهل، وسنة الظلم ترعاها الأيادي الآثمة التي غزت بلادي فمزقتها، ومزقت في نفوس الناس حبهم الأبدي ذاك فأصبحوا يهيمون في اودية التيه والتذكر، كأنهم يبحثون عن نقطة فقدوا عندها اشيائهم وتشظى عندها مكنونهم من الحب ورخاء النفوس، لكنهم عبثا يفعلون، فالحرب سجال بين الإنسان والتذكر والغد! (طالت بيك المدة وجالت بيك أم قجة) كانت تغذينا الذكريات من زمن الطفولة الأولى شيئا كالجمال وكالحب (الزول ابو سنا فضة مالوا السلام ما بردا؟)، وللبرق وللمطر ولكل لفتات الحياة كانت رواحلنا المرهقة بالسفر تتغنى للعودة واللقاء، للسلام وللجمال.
حتى دهمت بلادي ايادي في عمق الظلام تخلخل الإنسان وترعبه وتفصله عن ذاته، وأناه، فيبحث عن معنى اسمه وتاريخ ميلاده وجنسيته وماضيه فلا يجديه من ذلك بحث، فالحرب سجال يا صحابي بين المرء والتذكر والبقاء، وعقدة البقاء هي اسمى مطلوب للمرء عندما تطلبه الحياة المستباحة بدمها، لكن اخلاق الرجال تضيق، لعمرك ماضاقت أرض بأهلها! ثم يأتي الناس نقص في الأنفس أما الثمرات فقد طاف عليها طائف بليل.
في الأنفس ياوجعي.
عندها تشتعل الذكريات ثم لا تحترق، نقاط البداية حين كانوا وكيف كانوا فالحرب سجال بين المرء والتذكر و البقاء. هكذا يفعل الناس في بلدي ثم إذا جاءت ساعات الرحيل تنطفىء كل شموس الكون وتبقى للدموع وللكآبة والحزن وصيحات النساء وأنين الرجال في بلادي كل الألوان..هل أحدثكم أكثر عن بلادي التي ترعى الأحزان وتغرس بذور الشقاء؟
في دموع مكلومة مفجوعة في سميرها ورفيقها وحادي ركبها، في بنيات وأولاد يتامى.
يامحبوبي..
يكفيك ويكفيني
فالحزن الأكبر ليس يقال
لقد اسفتني كثيرا رحلة الوطن هذه المرة حيث لا وطن ولا أفراح بل دموع وأحزان وانسكاب، الدنيا ما دوامة، كنت صغيرا جدا عندما سمعتهم في غربي السودان يتغنون ( الدنيا ما دوامة)، ثم لم انسى بعد ذلك غدرها من دنيا
فالحياة والموت في بلادي يا صحاب ليست كالحياة والموت في اوطان أخرى.
ياللحنين يا أهل السودان
ويا للأحزان
وياللشقاء
ذواكرنا اصابها الخرف، حتى لم نعد نذكر أين أخطأنا الطريق أو أين سرق منا الطريق في الماء أم الظلام وللسودانيين مضارب أمثال تشذ، ففلان ( بيقص الدرب في الموية) أي يتبعه في الماء، لكنهم عجزوا عن تتبع الأثر في الظلام.
وكل الطرق تهيم ثم تنتهي للهيام في أودية التيه.
ونحن لم نعد ندر ماذا نريد
والحياة تطلبنا بدمها إذا غربت الشمس وإذا طلعت.
ونحن نتغنى ونرقص ونلهو حين تفجأنا المسرات وقليل  ماهي.
وكل الدروب تضيع في الظلام
يامحبوبي...

غريان – ليبيا
مدينة الرابطة
25/12/2009

رسالة إلى مبدع ( زيارتي للسودان)


هذه المرة وعلى أحد حافلات النقل السريع والتي تركت علامة دالة على التطور النوعي الذي تشهده النواقل السفرية في السودان كنت متجها لمدينة كوستي التي رأيتها في طفولتي المبكرة ولم أرها منذ ذاك الحين إلا بعد عشرين عاما هي ما أختصته الغربة خالصا لها وأودعتنا لقاءه غراما اسمه السودان وعشقا ابديا لأهليه ولأرضه، كانت الراحلة تطوي بنا أرض السودان الواسعة والمشاهد المرئية تتزاحم في نفسي، فإذا بهم يديرون أحد الأشرطة المرئية على شاشات التلفاز التي زودت بها الحافلة لعلها تعين المسافرين على قضاء الطريق الراحل في عمرهم بمقابل إذ يدفعون سويعات عمرهم للطريق - هذه المرة – ثم يجنون شيئا من ضحك وتسلية وطرب، لكنه لم يكن طربا ايقاعيا تهتز له اجزاء نفس الإنسان فتجيبها اطرافه اللدنة الطروبة، ولأهلنا في السودان غرام آخر مع الطرب والأغنيات، تماما مثلما وصفهم ابن خلدون في مقدمته الشهيرة عندما نعتهم بالخفة في العقل وحب الطرب والقفز الحيواني، لقد كان يتجنى كثيرا ابن خلدون في مذهبه على اهل السودان عموما وهو يقصد إلى سكان افريقيا عموما من قبيل الصحراء المتاخمة لبلاد العرب من جنوبيهم، لكننا كثيرا ما يستخفنا الطرب واللهو الذي يطيل العمر ياسادتي.
طالعنا على شاشة التلفاز هذه المرة تسجيلا يجدر بمن أمهلته ظروف الحياة أن يقتني منه قرصا يعود إليه حينا بعد آخر يذكره بمسيرة الإبداع وروعة الأشياء في زمان كان يحسب أهله أن له ما يليله، لكننا في السودان نمضي بأشيائنا جميعها للوراء!
كان صاحب تلك الليلة الكبيرة وربانها فناننا الكبير محمد وردي، وموضوع تلك السهرة المعروضة في ذاك التسجيل هو خمسينية الفنان الرائع محمد وردي، وقد كان استشرف عهده مع الروعة والفن والخيال في العام الأول بعد الإستقلال.
اليوم نرفع راية استقلالنا
ويسطر التاريخ مولد شعبنا
يا أخوتي غنوا لنا
اليوم
كان كغيره من حملة لواء البعث والإلهام يتذكرون أنهم يتغنون للوطن كما غنت مهيرة تلهم الفرسان جيلا بعد جيل، لم يكن الحال آنذاك كحال الصراع الذي صوره لنا الرائع الآخر مصطفى سيد أحمد في زمانه الذي لفظه شريدا طريدا من وطن، ( لما تعبري بالشوارع شفتي كيف الناس تصارع ).
وكانت الحافلة تمضي بنا فإذا بالحفل يستهل بأغنيات للرائع وردي من بنيات صغيرات يغنين الحياة كما كان يراها الناس ويتخيلونها ويتأملونها في زمانهم ذاك، ثم أنتهوا للفنان الشاب سيف الجامعة الذي ابدع في تتبع آهات يعرفها العارفون، وبرز من بين المحتفين فنانون صغار وكبار حتى بادرنا أستاذنا الرائع المبدع الإنسان عبدالكريم الكابلي، كانه في تلك الليلة يقول لوردي انه وردنا ووردنا بكسر الواو، وكنت قبل ذلك قد حملت هم الطريق حتى انساني ما أرى همي وهم الطريق، عندما خرج علينا صاحب الملاحم ورجل أكتوبر الآخر الذي لم يبلغ خمسينا من عمر الغناء ولكن الأرض تعرفه، والكلمة تعرفه واللحن، إنه محمد الأمين يا سادتي، إذ جلس للعود يرهقه ويرهقنا ويشعله ويشعلنا، يشعل فينا لحظات الإنتظار وهو يقدم لرائعة من روائع وردينا الكبير ، حتى فرغ من مقدمته الموسيقية التي تمنيت لو يعيدها ثم لا تنتهي.
وانتهى بنا لخوفه وخوف وردي وخوفنا جميعا، ( خوفي منك )، لعمري لقد أخافنا من مجاهيل في أنفسنا جميعا ومعالم ندركها حين أطلق وردي فوبياه وفوبيانا من النسيان، وآهات الأمين تقلقنا... لم تنسنا تلك المقدمة الموسيقية التي تدل على تفوق مبدعنا الأمين ولكنها ليلة الإبداع يا أخوتي تبتدئ ثم لا تعرف النهاية والطريق يمضي بنا ونقاط العبور الشرطية والمراجعة المرورية والنقاط الكثيرة الأخرى التي لا نعرفها تمزق الطريق وتقتات من عمر الأحياء المسافرين، وكأنه لا يكفيهم أنهم مسافرون؟ إن للمسافر على الله دعوة مقبولة حين السفر ولكنهم لا يعنيهم أن له على المقيم درجة العناء والسفر كما لا يخيفهم أن له على الله دعوة مسافر ودعوة مظلوم، ولكننا في حافلتنا تلك كان يخيفنا محمد الأمين بآهاته ووردينا برنة صوته العذب من المعلوم المجهول ومن النسيان وكانت تغض مضجعنا مخاوف الأرض أحيانا عندما تتوقف الحافلة، وتسرق اللحظة من بين أيدينا، هذه اللحظات بلا مقابل تسرق من عمرنا ورجال الشرطة والمرور والجباية لا يعبهون، يخيفون من يخيفون ويستفزون من يستفزون، ثم نمضي للخوف.
خوفي منك
خوفي تنساني وتنسى الليالي
كانت بحق ساعات عمر ننفقها ثم نقتني بها طربا يهز أجزاء النفس ولا يتجاوزها لأطراف الجسم إذ الحيرة والإستغراب والنشوة والخوف من النسيان تملك علينا أنفسنا والعمر يمضي، والإبداع يسري وذكرني هذا الأمين بكل سنوات وردينا وسنواته وأكتوبريات العهد القديم، وبين السودان القديم والسودان الجديد تتوزع نقاط العبور ورسوم العبور والتفتيش والمرور ونقاط أخرى لا نعرفها، وكنا نقطع المحطات من لدن جبال اولياء والقطينة والقرى المترامية والجزيرة ابا وربك حتى كوستي عندما اتحفنا الأمين مرة أخرى بذات الوتريات مودعا، فذكرني أن اللحظات الجميلة تمر سريعا، وظللت أسترجع في نفسي حلاوة النغم وروعة الإبداع وذهبت بخيالي لكل مناحي حياتنا في هذا السودان الذي يقع بين السودان القديم والسودان الجديد لو أن علمائنا وأساتذتنا واداريينا ومعلمينا وسياسيينا وجميع أصحاب الأمانات يخلصون للإبداع كإخلاص محمد الأمين لريشته تلك، هل كنا نهيم بين سودان قديم وسودان جديد؟
ياسادتي إنها لمسة الإبداع منذ اليوم، مثلها على ريشة الأمين مثلها على موائد العمل في قصر الرئاسة ومثلها في قاعات الدرس وغرف العمليات وصياغة الذهب وإرشاد الناس وتجويد الشعر والزراعة والجندية وزراعة الأمل من أجل سودان يحتفل بيوبيل ذهبي في كل شيء، من أجل سودان جديد يا أخوتي....
من أجل ذلك كله نطلقها رسالة إلى مبدع.

ليبيا – طرابلس
جنزور الغربية
9/2009

الجمعة، يوليو 22، 2011

إزدواجية التفكير لدى طلاب الحرية والديموقراطية ( أوجه شبه)


إحتفل الاخوة الجنوبيون اليوم بإقامة دولتهم الوليدة بمشاعر حملت الكثير من مظاهر الفرح والبهجة والتعبير عن أشواق ربما طال انتظارها، ولا نملك في هذا المقام إلا أن نهنئهم ونفرح لهم لأنهم إخوتنا ومن ناحية أخرى فهم  من بني البشر يستحقون بداهة أن يكونوا كما يريدون.
ويبقى المرجو هو ان يحقق الإستقلال أهدافه حسب فهم أبسط مواطن سوداني جنوبي كحد أدنى، ولن يعبر فشل السودانيين الجنوبيين في تحقيق رفاهيتهم المنتظرة عن خطأ في إختيار الإنفصال بقدرتعبيره عن قصور التجربة عن الكمال لتقاعس الجنوبيين انفسهم عن النهوض بواجباتهم التي تولوها عن رغبة وتصميم..
حملت مظاهر الإحتفال في السودان الجنوبي فيما حملت بعض الإشارات الغريبة كرفع علم إسرائيل من قبل بعض المواطنين..
رفع علم إسرائيل في مثل هذه الإحتفالات - على رمزيته السالبة- يجب أن لا يثير الإخوة في الشمال  لأنه يعبر عن خطل في التقدير فلو كان الجنوبيون يلمحون بالشكر لدولة إسرائيل - ولا اظنهم كذلك- فإن الشكر المستحق يجب أن يسدى للأمريكيين في قيام دولتهم، ليس لتفردها في دعم الحركة الشعبية خلال العقدين الماضيين فقد سبقها للدعم والمساندة دول عربية وإفريقية لكن الولايات المتحدة كانت صاحبة التدخل الحاسم  والرؤية الواضحة في إتجاه إقامة دولة السودان الجنوبي، ولا يخفى على مراقب أن لو لم ترغب الولايات المتحدة الأمريكية في قيام هذه الدولة لما كان صباح التاسع من يوليو ليشهد هذه الأهازيج التي نراها اليوم.
ويبقى للسودانيين الجنوبيين أن يشكروا كل من ساندهم في مسيرة النضال الأخيرة التي امتدت لعقدين ونيف بما في ذلك إسرائيل التي لا تمثل رأس الرمح  في دعمهم وهي ايضا لم تكن لتقف معهم موقفها ذاك لولا رغبة ومباركة الولايات المتحدة.
عليه فالإشارات التي يريدها هؤلاء من رفع علم إسرائيل هي فقط إثارة مشاعر الشماليين أكثر مما هي، ولا ينبغي  - كما ذكرنا آنفا - للشماليين ان يلتفتوا لذلك.
من الناحية العملية فإن علاقات رسمية بين دولة الجنوب وبين إسرائيل ومدى فعالية هذه العلاقات إقليميا تظل اعمق اثرا مما فعل الجنوبيون كشعب ولا يمكن تصنيف دولة السودان الجنوبي في صف الأعداء لذلك فهي ليست بدعا من الدول وقد سبقها لصداقة إسرائيل دول عربية يعدها حكامنا من الحريصين على مصلحة بلادنا.
ما يعنينا من هذه الإشارات ليس أكثر من مقارنة موقف الجنوبيين حتى قبل إستقلال دولتهم  وبين أحزابنا في الشمال.
فالجنوبيون لم يفتأوا يغازلون إسرائيل وينتظرون أوان الإستقلال من أجل تمتين العلاقة معها بيد أن إسرائيل دولة مغتصبة لأرض غيرها قاهرة لأهل البلد الحقيقيين.
فلو قسنا انفصال جنوب السودان عن شماله بمثابة التحرر من الإستعمار الشمالي فكيف لمن ينشد الحرية والإنعتاق ان يؤيد إضهاد غيره وسرقة أراضيه وقتله؟ ولقد كان للمناضل الإفريقي نيلسون مانديلا موقف أخلاقي واضح من دولة إسرائيل  ينطلق من نضاله من أجل الحرية، الحرية التي تمثل قاسما مشتركا مطلوبا بين شعبه وبين شعب فلسطين فكان بديهيا - في نظره- أن القاسم المشترك بين نظام الفصل العنصري وإسرائيل هو الظلم والإحتلال والعنصرية، لذلك رفض التعاطي مع دولة إسرائيل وقتذاك.
ووجه الشبه بين الأخوة السودانيين الجنوبيين رسميا وشعبيا وأحزاب الشمال ربما يتجلى في إزدواجية التفكير لدى كليهما في شأني الحرية و الديموقراطية، فالأحزاب السودانية التي ظلت تنشد الديموقراطية في السودان على مر عقود لم تجهد نفسها في تطبيق تلك الديموقراطية حتى داخل البيت الحزبي الصغير بينما تجتهد كثيرا في محاولة الإحتكام للديموقراطية في السودان!
أليست الديموقراطية في هذه الحال تمثل مطية للحكم الديكتاتوري للفرد الذي يطبق على مؤسسة الحزب حتى الموت؟
لو عدنا لإسرائيل مرة ثانية سنجد انها الأفضل في محيطها العربي كله من حيث الإحتكام للديموقراطية وحكم القانون جزئيا على نطاق شعبها رغم وجودها في بؤرة إستهداف وعداء رسمي وشعبي لعقود، لكنها لم تحتج بذالك الإستهداف الخارجي ولم تدعي أن لا صوت يعلو فوق صوت الحرب كما يفعل جيرانها العرب على كثرتهم وإحاطتهم بها.
فما أشبه الحكومات العربية بأحزابنا الشمالية العاجزة عن عقد مؤتمراتها العامة وإختيار قياداتها بشكل ديموقراطي حر  تحت دعاوى الظروف التي يمر بها الحزب وعدم القدرة على تجميع قيادات الحزب وهلمجرا.
ولو استخدمنا المنطق الرياضي في المساواة بين أطراف المعادلة الحزبية السودانية والحكومات العربية فبالضرورة ان يكون الطرفان الآخران متساويين وهما الحكومة السودانية والكيان الإسرائيلي، ولو تساوى هاذان فالفعل لابد واحد ذاك الذي تمارسه إسرائيل على الدول العربية والذي تمارسه الحكومة السودانية على الأحزاب السودانية.
ويجتمع لأحزابنا الشمالية المطالبة بالحرية والديموقراطية سيئات القوم كلها على غير إنتباه من جماهيرها فهي تجمع إلى عجزها عن تحقيق الديموقراطية في تركيبتها الداخلية تحالفات غريبة مع أسوأ  ديكتاوريات المنطقة بل و ينادون من عواصم تلك الدول بالديموقراطية في السودان!
وليس وجود التجمع الديموقراطي بدولة اريتريا - فيما مضى- بحسبانها الدولة الحليفة ومطالبتهم بالحرية بمساندة ديكتاتور اريتريا القامع لشعبه بأقل إثارة للتساؤل.
ومما يثير الفضيحة هو علاقات حزب الأمة القوية جدا بعقيد ليبيا الذي انتهى به المطاف للعزلة الداخلية والخارجية وتحول حزب الأمة من صداقته القوية للعقيد لمربع منتقديه صراحا وكأن ما فعله العقيد الليبي في حربه الأخيرة هو أول إنتهاك لحرية وكرامة وإنسانية المواطن الليبي.
إذا فهؤلاء جميعا لا يؤمنون بالديموقراطية ولا الحرية و لكنهم يركبون موجتها وفي هذا تلتقي أحزابنا الشمالية بالسودانيين الجنوبيين فما الغضاضة في أن يرفع الجنوبيون أعلام إسرائيل إذا؟
و لو صلبرنا على المقارنات وبيان أوجه الشبه بين حكومات المنطقة العربية وأحزاب الشمال وبين حكومة الإنقاذ ودولة إسرائيل فلسوف ندرك إن التغيير في جسم الحكومات العربية لم يتسنى إلا عبر تحرك شعوبها وكأن الأحزاب الشمالية تنتظر ثورة غضب شعبي عارم من كوادرها وجماهيرها من أجل التغيير، ولو كان التغيير في حكومات المنطقة العربية قد أزعج إسرائيل فبالضرورة ان التغيير في بنية الأحزاب الشمالية سيغض مضجع الحكومة السودانية فعذرا لمن أزعجته فظاظة هذه المقاربات.
أخيرا لو كانت العلمانية تعني الفصل بين إدارة شؤون الدولة والدين من حيث إنعدام القداسة والثوابت المبدئية في ظل الحراك البراغماتي الموجه لمعظم فعل السياسة، فهل يستوي أن تمثل البراغماتية لدى طلاب الحرية والديموقراطية عائقا دون المبادي الأخلاقية التي يمليها الضمير الإنساني الحر؟
لابد للديموقراطية والحرية ان تمثلا المبدأ الثابت بين كل المتحركات في ذهن الجميع ويستوي الجميع في الحاجة إليهما وفي الإعتراف المشترك بذلك..
تحية لشعب الجنوب البطل
إنكم طلاب حق فلا تتراجعوا...

إيطاليا – فروزينوني
9 يوليو 2011

أين أختفى منبر سودانيس أون لاين؟


في الأيام القليلة الماضية فوجئنا بإختفاء صفحة سودانيس اون لاين، ثم علمنا بعد ذلك ان الأيادي الآثمة تمتد لكل شيء لتفرض الصمت على الجميع.
نقول ان تلك الأيادي آثمة لأن الحرية تقتضي أن يتاح لكل الأصوات أن تعبر عن محمولات أصحابها ولقد كنا نحمل على منبر سودانيس اون لاين تساهله في نشر الكثير من التعليقات العنصرية التي تسيء لثقافة الحوار العقلاني وتشوش على مبدأ الحرية.
لكننا نصر أن الحرية للجميع للعقلاء وحتى للسفهاء، ولست احاكم طائفة من الناس فاسميهم بالسفهاء ولكن مساحات الحرية يجب ان لا تتداخل بحيث يسيء بعضنا لبعض.
الحرية للجميع والقانون عليهم جميعا
أنتظرنا كثيرا أن يطل علينا منبر سودانيس اون لاين بعد ان عبثت به الأيادي.
لقد كان منبرا جامعا للأقلام على علات كنا نعتقد أن تصحيحها ممكن، من ذلك ان التعليق المدرج لم يكن يحترم آداب الحوار
وكنا نعتقد أن الأهم قد تم وهو إيجاد منبر يطل عليه اكبر قدر من أهل السودان
وتبقى صيانة هذا التلاقي من نزعات الصراع غير الخلوق والضار بمصلحة الإنسان عموما وإنسان السودان خصوصا
لذلك فقد أسفنا أكثر من تلك المشاكسات غياب المنبر عن الظهور
ارجو أن نعمل على صناعة ألف منبر ومنبر من أجل السودان

نحن نسعى لإسقاط هذا النظام ولكن


 ( نداء للمجموعة السودانية للسلام والديموقراطية- أوتاوا)
قرأت نداءا لما يعرف بالمجموعة السودانية للديموقراطية والسلام ومقرها اوتاوا بكندا، تدعو فيه الجماهير السودانية للمشاركة في مظاهرة تقام بمدينة تورنتو، يوم السبت (26/06) في خطوة تحسب للحراك العام السلمي الذي ندعوا له جميعا وقد ايقنا ان صبرا على هذا النظام الدموي المتسلط في السودان قد نفذ، وأن إلحاح الطلب على مقاومته اليوم نابع من إصرار هذا النظام على إغراق البلاد في مستنقع الحروب والنزاعات وما يترتب عنها من إزهاق للأرواح وتشريد للآمنين وإفقار للمواطنين وخلخلة للنسيج الإجتماعي وتقسيم للبلاد.
عليه فنحن نترسم طريقنا عبر توحيد كل الجهود وتوجيهها حتى تتكامل في هبة شعبية تعيد للشعب السوداني وحدته وتحقق له كرامته وتحجب دماء أبنائه وتصون المتبقي من وحدة اراضيه.
اما نداء الجمعية السودانية باوتاوا فقد انتهى للتفاصيل، فدعى للتظاهر ضد التطهير العرقي وضد العنصرية وضد اغتصاب النساء وضد الفاشية وضد استخدام الأسلحة الكيماوية والبيلوجية في جبال النوبة وابيي ودارفور!   
عبارة الأسلحة الكيماوية والبيلوجية هذه تبعث في النفس الأسى والإحباط.
فمنطق كهذا أقل ما يوصف به أنه منطق أخرق شديد البعد عن الموضوعية التي تطمئن لها ضمائر الناس وتتقبلها عقولهم (فأحذروه).
منطق كهذا يقضي على شعاع الأمل في قياداتنا ورموزنا وهيئاتنا السياسية والإجتماعية والحقوقية التي نتعشم أن تتقدم خطى الجماهير بالتوجيه الرصين والمبادرة الخلاقة التي تتخذ الحقيقة والنزاهة والموضوعية وسيلة لكل مطلوب.
أما الأسلحة الكيماوية والبيلوجية فهي عصية على نظام الإنقاذ علاوة على عدم حاجته لإستخدامها مابالكم ومدعي هذا القول لا يتوفر على دليل  علمي قوي يسند ما ذهب إليه وليست حادثة مصنع الشفاء ببعيدة عن الأذهان حين ردت الجهات الأمريكية هجومها على مصنع الشفاء لمعلومات تحصلتها من المعارضة السودانية، ولست اتنكب مشقة تعيين مصدر هذه المعلومات فكلكم يعلمه كما لا يفوت على فطنة العارفين ما إذ كانت تلك المعلومات هي سبب الهجوم الأمريكي أم ذريعته لإرسال رسالة ما للنظام القابع في الخرطوم!
 المهم هو أن مدعي ذاك القول قد باء بإستهجان الشارع السوداني وانقلب عليه إدعاءه من حيث أراد أن ينكأ جراح الحكومة في الخرطوم!

إن معركتنا مع هذا النظام معركة أخلاقية في المقام الأول، من أجل الحرية والسلام والعدالة والمساواة والديموقراطية والبناء.
هذه المبادي اصبحت ملحة الطلب لدى جماهير الشعب السوداني جميعا ولا يمنعهم عن المبادرة  والنهوض لتحقيقها إلا قلة التنسيق وافتقار المجهودات للتوحيد للإستفادة من الزخم الجماهيري والتصدي لقمع أجهزة الأمن.
ولا حاجة لنا بالتلفيق والمنطق الأجوف الذي يرتد علينا وعلى أهدافنا فأنتبهوا.
ولقد نبهنا لهذه الأخيرة في معرض حديثنا – في مقام آخر- عن قضية الشعب الليبي في الشرق عندما لجأت المعارضة لفبركة الأدلة محاولة إستخدام تكتيك (الحرب خدعة)، مع اتساع الفرق بين مخادعة الحروب كفعل عسكري محض وبين مخادعة الرأي العام وبناء حاجز عدم الثقة مما يفقد صاحب الحق صوته العالي والذي طالما ارتفع بالإكاذيب.
نحن لا نغمط في الحق مجهودات الثوار الليبيين ولا ننكر بالمنطق مطلوبهم فهو الحرية لو سلمت النوايا، ولكن الحق أنهم أتخذوا غير السبيل -أحيانا- في الوصول لهدفهم.
الموضوعية تقتضي من كل حامل راية ان يحكم فكره وان يتزود بالمطلوب من علم المنطق وتقدير الأشياء والأهم في كل ذلك هو الصدق مع الذات ومع الآخرين من بعد ذلك لأن القضايا العادلة لا تحتاج بحال من الأحوال للفبركة والتهويل والكذب من اجل التدليل على صدقيتها.
فالناس في قوت يومهم اصبحوا يبغضون هذه الحكومة فهل أدل على ظلمها من الجوع والمرض وتردي المعايش؟
والناس في أمنهم وسلامتهم يبغضون هذه الحكومة  فهل أدل على وحشيتها من حرب دارفور وابيي وجبال النوبة؟
والناس في حريتهم وكرامتهم وإنسانيتهم يبغضون هذه الحكومة فهل أدل على هذا من التضييق والتسلط الذي يعانيه المواطن؟
يا أخوتي لقد آن لهذا الشعب ان يقول لهؤلاء لا..
لا هذه المرة تعني إقتلاع هذا النظام وعودة الأمن والسلام للناس.
لا هذه المرة تعني إيقاف الحرب وتقسيم البلاد من أجل بقاء النظام..
لا هذه المرة تعني أن لا يظل السودان مرهونا بشخص مطلوب للعدالة يبيع كل السودان من أجل ان يبقى هو...
أخيرا يقول الشاعر صالح عبدالقدوس:
وزن الكلام إذا نطقت فإنما               يبدي عيوب ذوي الكلام المنطق

فحامل الحق والباطل لا يستويان ونحن نسير بقوة الحق ومنطق الحق وهم يسيرون بمنطق القوة.
نحن نريد إسقاطهم ولكن
بكل نزاهة وعلمية وتدبر ومنطق
فلا تنسو..
إنه السودان...

إيطاليا –بوفي
23 يونيو 2011

الأحزاب السودانية وفرق كرة القدم


(دعوة للأستاذ معز عمر بخيت)
تحدث الدكتور الترابي في احد محاضراته في منتصف عقد الثمانينات في جامعة الخرطوم ونال الأحزاب السودانية التقليدية نصيبها من التهكم عندما قرر الرجل أن برنامج تلك الاحزاب - قبل الإستقلال- لم يكن يعدو تحقيق الإستقلال وعليه فقد تبخرت مفردات ذلك البرنامج بعد تحقق الإستقلال فتحولت تلكم الأحزاب لما يشبه فرق كرة القدم والحديث للفقيه العارف بالله الشيخ حسن الترابي.
ثم مضى عقد من زمان تمكن فيه شيخنا في الأرض وأورث فيه الملك ثم أطل علينا مرة أخرى – رغم تغير بعض إجتهاداته- لكنه وفي حديث لهيئة الإذاعة البريطانية يعود ليصف الأحزاب التقليدية مرة أخرى بأنها مثل فرق كرة القدم (خاسر ورابح) لاغير!
و للدكتور الترابي تفسيره الخاص للأشياء كما لديه سخريته (وضحكاته المسجلة).
و للأقدار ايضا سخرية وضحكات، ألم يتحول مصير الشعب السوداني وكرامته وحقوقه وكل ذلك لمجرد لعبة في أيدي تلاميذ شيخنا الترابي من منتسبي الإسلام!
أما أنا فأقرب مايجمع بين فرق كرة القدم والأحزاب عندي – بعد العصبية العمياء- هو أن فرق كرة القدم تنتدب لاعبين من أجل تدعيم مقاعد الإحتياط لديها فعندما يصاب أحد اللاعبين الأساسيين أو يطرد من الملعب او يتغيب لسبب من ذا فنرى اللاعبين الإحتياطيين  يبدأون عملية الإحماء على عجل للنزول للملعب، ويذكرنا هذا نكبة الحزب الشيوعي السوداني في صفه الأول على يد النميري عندما استعان القوم بالتشكيلة الإحتياطية ( الصف الثاني) على عجل.
الصف الثاني والثالث والكوادر في الأحزاب عندنا ينتهي دورهم عند التأمين على فعل القادة الكبار والإعداد لمؤتمراتهم وأسفارهم غالبا ثم لا يشكل عناصر الصفوف الثانية والثالثة والكوادر الصغيرة أي عامل فعل وضغط على القادة في الصف الأمامي على الرغم من قيامهم بما يعرف بالعمل القاعدي – وفقا للتوجيهات الفوقية- بحشد وتجنيد المؤيدين وهذا في تقديري يشبه عمليات التصفيق والتشجيع التي يقوم بها إحتياطيوا فرق كرة القدم أثناء المباريات الرسمية ثم قيامهم بإكمال تشكيلة فريقين أثناء التدريبات.
في دون إطالة أردت أن أذكركم بالمقالات الصحية التي قدمها البروفسر معز عمر بخيت على صفحة سودانايل الخاصة بموضوعات صحية شديدة الحساسية والأهمية ثم أحجم على - غير توقع منا- عن الإسترسال في تتبع كل الأسئلة بالإجابات الوافية.
ولقد بعثت له برسالة استحثه فيها على إكمال جهده المقدر في تنويرنا وتعريفنا ببعض ماخفى علينا ونحن في ذلك  طلاب معرفة وثقافة عامة تحتمها الضرورة.
ولقد وعدني الأستاذ – مشكورا- بالإستمرار في تزويدنا بالإجابات المطلوبة ولكنه أبطأ علينا فرأيت أن ادعوه من خلالكم وأستحثه وأنتم شهود على الإستمراروله في ذلك تقدير كل عارف بالفضل مع تقديرنا لمشغولياته المختلفة.
ولقد يتسأءل البعض عن العلاقة بين دعوتي الأستاذ معز عمر بخيت وبين حديثي عن فرق كرة القدم ودور الصفوف الثانية والثالثة والكوادر في الأحزاب!
لكن العلاقة بينها بسيطة تتمثل في قيمانا جميعا بأدوارنا المنوطة بنا في كل مفيد كي نمضي بالزمان للأمام حتى ينتهي بنا السعي لمقام يجيده من هم أعمق منا وأرسخ في العلم والفكر فنوعز إليهم أن قد أتى دوركم  ثم نظل على تشجيعهم ومتابعتهم  وملاومتهم حتى الإنطلاق وبهذا يسير قطار الإنجاز بالقوة الدافعة وليس القوة الساحبة.
فالقوة الدافعة تأتي من الخلف ( من القواعد) والقوة الساحبة من الأمام ( من القيادات) وقوة القواعد شديدة الأثر مثل سيارات الدفع الخلفي التي لا تقارن في القوة بسيارات الدفع الأمامي رغم حداثة الأخيرة وانتشارها فلا تنسوا.
إنه دورنا...
     
إيطاليا- فروزينوني
25 يونيو 2011
        

نداء للشعب السوداني البطل ( أوقفوا هذه الحرب اللعينة ، فالحياة تنتظر)

يا أيها الجماهير السودانية العريقة إنها أموالكم وأرزاق ابناءكم تأكلها الحرب الظالمة.
ثمن كراسات الدراسة والكتب، ومقاعد الدراسة وفصول المدرسة.
إنها فاتورة العلاج لكل طفل ولكل شيخ كبير
إنها وجبة الفطور والغداء والعشاء لمن اختزل هذه الوجبات الثلاث في وجبة واحدة يتحصلها بجهد وعناء.
يا أخوة إنها وقفة يوم واحد مثل الحرب
والحرب صبر ساعة
لكنكم تكسبون كرامتكم
ورزق أبناءكم
وتوقفون الحرب التي تحصد أعماركم وتقتل أهلكم في أطراف البلاد
يا أخوتي إنها أعماركم التي ارادوا لها ان تنقضي في الذل والمهانة والفشل
يا اخوتي إنه وطنكم الذي تقاسمته أطماع هؤلاء المجرمين
يا أخوتي إنهم إخوتكم هؤلاء الذين شردتهم الطائرات والدبابات في جنوب كردفان وابيي ودارفور
إنهم مثلك ومثلي ومثلنا جميعا يتشوفون عبير الصباحات الندية ويقتلهم دخان المدافع
إن بيوتهم يا أخوتي مبنية من ( القش) ولم يثوروا لذلك
فأستكثروها عليهم اليوم وجاءوا ليحرقوها.
مثلما أحرقوا بيوت (القش) في دارفور، ومثلما فعلوا في الجنوب ومثلما فعلوا في الشرق.
فإنهم يفعلون في جنوب كردفان اليوم.
إنهم إخوتكم يارفاق
إنهم أنا وأنت ونحن وهم
إنهم نحن فمن أعطى هؤلاء الحق في إحتلال ارضهم وأرضكم وأرضنا وتقسيمها والعبث بها؟ا
إنها أرزاقكم وأرزاقهم وأرزاقنا جميعا تلك التي يتقاضونها سرقة معلنة وغير معلنة، مرتبات وحوافز وبدلات.
إنها بلادكم هذه التي حرمتم خيرها.
اين ستعيشون بعز إذا؟
وكيف ترفعون رؤسكم بين الأمم لو لم تنهضوا اليوم لتقولوا لهؤلاء لا؟
تقولوا لهم حسبكم؟
تقولوا لهم من أنتم ومن أين أتيتم؟
تقولوا لهم أن هذا الوطن قد انهكته الصراعات
وافقرته فاتورة الحرب الظالمة
إعلموا يا أخوتي أن جنرالات الحرب لا يترزقون إلا بإشعال الحروب فمنها تمتلأ جيوبهم بأموالكم
وبها يزدادون في الترقيات والرتب.
إعلموا يا اخوتي ان جنرالات الحرب لا مصلحة لهم في السلام يجنونها.
ولا قيمة لهم في حياة السلم والحرية والديموقراطية يستشعرونها، فهم يعرفون القتل والقصف والتدمير وتشريد الأبرياء ونهب ثروات البلاد، وتزداد قميتهم في سنوات الحرب.
إننا يا أخوتي لم نكابد حرب الجنوب لتجرنا لحرب دارفور والشرق ثم تنتهي بنا لحرب جديدة في جنوب كردفان وابيي ولربما ينضاف إليها حروب في جنوب النيل الأزرق والشرق عموما وتشتعل دارفور أكثر مما هي الآن.
لابد لكم ياجماهير شعبنا الأبي أن تخرجوا على هذه الحكومة اليوم اليوم قبل الغد.
يا أخوتي إنهم لن يقتلوا منكم اكثر مما يقتل منمكم المرض والجوع والتشرد.
فأعلموا أن الخلاص يملكه كل مواطن مسكين بسيط يخرج شاهرا رفضه لهؤلاء.
كل واحد منكم يملك الخلاص في يده فتكاتفوا من أجل السودان كل السودان.
كل واحد منا
انا وانت وذاك وتلك وهؤلاء
وأعلموا أن الحياة إنما يصنعها الشرفاء الذين لا يرضون الضيم " الحقارة"
يا أخوتي من هؤلاء؟
ومن نصبهم علينا؟
هل رضيتم بهم وبظلمهم؟
هل نسيتم الجبايات؟
هل نسيتم الطوارئ؟
هل نسيتم ان كل بلاد العالم اصبحت تعج باللاجئين السودانيين؟
هل نسيتم أن سودانيا بين كل ثمانية لاجئين في العالم؟
يا أخوتي نحن لسنا هكذا، إننا أعظم مما يريد لنا هؤلاء
نحن نرفضهم دون إنتماء لغيرهم لأننا ننتمي للحق والحرية حق
والكرامة حق
والعيش الكريم في وطن عزيز حق
فلا تنسوا
إنها بلادكم...

إيطاليا- بوفي
19 يونيو 2011

يا ساحرتي


يا ساحرتي

تعرفني كل دروب الحب
حين اسير الى عينيك بلا عنوان

بلا تفكير كالأطفال
و اشقى من روح الأطفال
فأنا ياحلوتي انسان

تأسرني اللهفة تأسرني
وتحررني من كل خيال
إلا منك أو من عينيك
إذ ذاك محال

عيناك يامالكة التاريخ الراحل في عمري!
مثل الأطفال
تلهو،  وتطوف بقلبي كل مكان
تشعلني حبا تحرقني
تغرقني
ترسلني طيفا مجنونا هزيان
 تفرحني تبكيني تحزنني
تجعلني دوما إنسان
في همس الحب  بلا أشكال ارسمها
أو أوزان أو تاريخ أو أزمان

في عينيك ياغاليتي
ترحالا يتلوه ترحال

في عينيك ياساحرتي
لو قصر زمان الدهشة
او طال
فأنا اتبعها عيناكي ( كحوار) مفتون واثق
ولهان مجذوب غارق
فأنا ياساحرتي عاشق
وأنا غارق
في حبكي
مجنون... مهووس... مارق
لا تعنيني كل قوانين الأرض
وكل الناس
مذ احببتك
يازهرة بستاني المروية من نهر الإحساس
يا احلى معشوقة
ياشيئا ترسمه الأقدار جمالا في نفسي
وشيئا من روحي يتردد مثل الأنفاس

                                                                                                                                 أحبكي...

الخميس، يوليو 21، 2011

هضربات الإنقاذ ..


من غرائب الأمور أن بعض خصوم الإنقاذ يتحولون - احيانا-  لناصحين ومشفقين عليها عندما تبدو لهم قلة حيلتها وهوانها على الناس، وتنفضح علاتها على مرأى الجميع وما أكثر علات الإنقاذ.
و ليس أدل على فقر منهجية الإنقاذ من فجاجة خطابها العام وتضاربه وهزليته وإنحداره لمستوى (الشوارعية والبلطجة).
وكنت قد طرحت سؤالا على احد كوادر حزب المؤتمر الوطني عن هذا المدعو حاج ماجد سوار.
قلت له:  من اين اتيتم بهذا السوار؟ أليس لديكم رجل رشيد ينوب عنه ويقوم مقامه في الحزب وفي الدولة؟
فأجابني بأسى واستغراب ان يكون السوار هذا مسؤول التعبئة في الحزب ووزير الشباب والرياضة في الدولة.
انا لم أسأله عن علاقة وزير الشباب و الرياضة بالتصريحات السياسية بإسم الدولة وأحسب ان موقعه في الحزب أين كان يؤهله للحديث بإسم الدولة وإن لم يكن موقعه التنفيذي أهلا لذلك فلا غرابة، لكن الغرابة تكمن في فحوى الخطاب وأتوقع ان يخرج علي أحدكم قائلا بأن الإنتماء للإنقاذ وحزبها الكبير يعني كل غريب ولا غرو!
أما السيد حاج ماجد سوار ففي تقليده لرئيسه (الهمام) فطرة وعدم تكلف، وفي الرجلين غفلة وضحالة منطق إذ خرج علينا ليؤكد جاهزية الحكومة لأي حرب في النيل الأزرق.
ثم إليكم هذه العبارات دون تعليق: ( من يرفع رأسو في قطاع الشمال من عقار أو عرمان  نديهو على رأسو»)
هؤلاء هم حكام السودان، بمنطقهم الأخرق الذي تجاهل أزمة دارفور عندما بدأت شرارتها صغيرة وفاقمها حتى تعقدت وأستعصت على الحل ولم يعد للرئيس فيها مرقص قدم.
الرئيس الذي خاطب الناس في الشرق مؤخرا بمنطقه (الفج) ذاك وفاته ان منطقة الشرق دون غيرها من بقاع السودان ظلت تشهد تطاول اسرائيل وقتما شاءت وكيفما شاءت فتضرب ضربتها وتمضي ليحمل الخبر بعد ذلك إليه في صمت واستسلام.
لكن بشيرنا الهمام ربما لم يذكر ذلك عندما هدد بقطع اليد التي تمتد إلى السودان بل و (فقع) العين التي تنظر للسودان!
ولقد قال أهلنا قديما: ( الما عندو هداي يكوس ليه هداي)!
والمشير لم يألو جهدا يعين المستشارين ليل نهار ولكنهم لا يهدونه.
والفجيعة تكمن في المقارنة بين ما يتعرض له السودان من إستباحة خارجية ومنطق رئيسنا المبجل وما يحمله ذاك المنطق من تهديد حقيقي للداخل.
فلأصحاب الأيادي والأعين التي تهدد بقاءه في السلطة ان تعي هذا الخطاب، أما أمر السودان فذاك حديث آخر.
ولعل مصدر قوة النظام الوحيدة ورصيده المتبقي بعد أكثر من عقدين من الزمان هو الدبابات والمدافع التي جاء بها للحكم.
ولا أراني في حاجة للعودة لمؤشر الدول الفاشلة الذي صدر مؤخرا عن الفورن بوليسي الأمريكية والذي صنف السودان في المرتبة الثالثة من بين 177 دولة أحتوتها صفحات التقرير.
فما الواقع الذي يعيشه المواطن السوداني بحاجة لتقارير كهذه، إنما هي تقارير للباحثين وللمتابعين للشان السوداني وللمنظمات والبنوك والدول المعنية بقضايا السودان وللرئيس المشير.
أما المواطن السوداني فيعيش أرقام هذا التقريرغلاءا  ونيران حروبه موتا وإعاقة وخيام ملاجئه تشردا وتدخل العالم في شأنه إذلالا وهوان، فمالنا وتقرير الفورن بوليسي.
فلله ما يلقى السودان وأهله..

إيطاليا- فروزينوني
6 يوليو 2011