الصفحة العربية الرئيسية

السبت، يوليو 26، 2014

داعش المجني عليها تعيد للتاريخ نفسه، لو تعلمون!



جماعة تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" التي تقوم على الحكم في اجزاء شاسعة من ارض العراق وبعض من ارض سوريا " مغالبة" على راي ابن خلدون، تفرض على المسيحيين العراقيين ان يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون، او ان يغادروا ارض العراق كما يفعلون هم منذ صدور ذلك الفرمان الداعشي.
لا اذكر ان عقوبة الإعراض عن دفع الجزية كانت الطرد من اراض الدولة الاسلامية في عهود الاسلام الاولى، ولكن لا بأس فداعش لم تأت بجديد لو استثنينا العقوبة وعدم تحديد مبلغ الجزية شرعا!
كما ولابد من استثناء داعش من الالتزام بمبدأ الدولة الوطنية لانها لا تعترف به اصلا.
استنكر كثير من المشايخ وعلماء الدين الاسلامي سلوك اهل داعش مذ اعلانهم الخلافة الاسلامية مرورا بمثل هذه التشريعات "فرض الجزية" التي عدوها ضربا من التطرف والغلو الشديد في الدين وهذا امر غريب من المشايخ وليس من اهل داعش!
غريب لان المستنكرين من علماء الدين الاسلامي على خلاف الداعشيين لا يستندون في رفضهم هذا لحجج نظرية منهجية راسخة معروفة ومتفق عليها بالدليل، بينما يستند الداعشيون للارث الاسلامي المعروف الذي يبيح في حالات الشوكة والظفر والفتح اخذ الغنايم والعبيد و السبايا ومن ثم التسري بهن كيفما اتفق والتزوج منهن على هدى الاسلام!
لا ينبغي ان ينظر لهذا الحديث على انه قدح في اهلية الاسلام لو قدرنا حاجة المسلمين الملحة لاجتهادات نصية علمية جادة وشجاعة وجلية ومنطقية تعرض التجربة الاسلامية العملية في صدر الاسلام الاول وما تلته من عهود على النص القراءني الصريح بتفاسيره وعلى نصوص السنة القولية وحال السنة الفعلية والتقريرية بمقاصدها ومن ثم الخروج بمنهجية صريحة في غير تخفي وتعمية كي يستبين المسلمون ما لهم وما عليهم في غير تقية، وفي غير تبرير واجتهادات ارتجالية فردية يضطر لها كثير من المستنيرين من ابناء الامة الاسلامية المخلصين لاستيعاب الاسئلة الكبيرة عن منهج اسلامي يتسامح مع استعباد الانسان واهدار حقوقه المدنية.

يختلف علماؤنا ومشايخنا المسلمين بين "علماء وسطيون" او هكذا يسمون انفسهم ويرون بأن كثيرا من ممارسات الماضي قد تجاوزها الزمان، وبين علماء سلفيين لا يتسمون بالعصر ولا يدينون به ولا يعترفون بمخرجاته كحقوق الانسان التي تمثل عصارة الجهد البشري وما وتواضعت عليه الامم.
لكنهم وهم كذلك لا يصدحون ولا يدعون صراحا لضرورة الغنم والسبي والتسري وملكة الايمان والجزية وهذه الاشياء!
عدم دعوة هؤلاء المشايخ لعودة هذه المظاهر والسلوكيات في حياة المسلمين لا يعني إلغائها من تراثنا الفكري والديني، كما وان رؤية بعض العلماء لعدم توافقها مع العصر وسكوت الاخرين "السلفيين" عنها لا يعني إلغائها مادام وفي الحالين لا توجد حجج دامغة ومناهج متفق عليها بين المسلمين تحرم او تمنع او تجرم هذه الممارسات، وتبين في ذات الوقت الضرورة التي دعت لها قديما او الدليل النظري والعملي على ان وجود هذه المظاهر كان على سبيل التدرج المنهجي في ازالتها والتخلص منها كما يزعم بعض العلماء.
  
وحتى ذلك الحين ما الضير في ان يأتي الداعشيون او بوكو حرام او غيرهما فينفض عن هذه الممارسات غبار السيني ومن ثم يعيدها للحياة؟
على اقل تقدر فالداعشيون يستندون لمنهج و إرث معروف وصريح فما الذي يستند إليه مشايخنا اليوم؟
ثم دعونا نتحدث عن قضية اخرى احتج بها بعض الشيوخ وهي رفض خلافة داعش على المسلمين ولو صح ابطال خلافتهم فذلك يعني ابطال ولايتهم على الناس ومن ثم كل احكامهم، ويبقى ذات السؤال لهؤلاء وبشقيه العملي والنظري هذه المرة، ما هي شروط الخلافة و ولايتها على الناس من وجهة نظر اسلامية؟
ما هو المنهج الاسلامي المتواضع عليه في اقرار الخلافة و ولايتها على الناس (المسلمين)، وكيف يتوصل إليه عمليا؟ ومن ناحية عملية ايضا، ما الذي اعطى المشروعية لكل الولاة من لدن معاوية بن ابي سفيان إلى يوم الناس هذا، أليس الغلبة (على راي ابن خلدون ايضا)؟
إن كانت (الشوكة) الغلبة هي اساس الحكم في كل الارث الاسلامي فإن الداعشيون غلبوا الناس على حكمهم وعلى امرهم، أليس من يغلب الناس على امرهم يصبح ولي امرهم؟
إذا ما الضير في ان تقيم حركة داعش خلافة اسلامية، وما الضير في ان يصبح ابوبكر البغدادي خليفة المسلمين، ؟ يقول احد الشيوخ ان البغدادي لم تحصل له الغلبة على كل او غالب بلاد المسلمين وهذه مسألة وقت.
عليه فخلافة البغدادي حسب الموروث الاسلامي لا يمكن ردها وتشريعاته المستمدة من الاسلام لا يمكن بحال من الاحوال ردها، لا من باب عدم شرعية ولايته ولا من باب انها مخالفة للاسلام.
يذكرني حال المسلمين هذا بمعادلات الرياضيات، عندما يكون عدد المعادلات اقل من عدد المجاهيل التي تحتويها تلك المعادلات، في مثل هذه الحال لا يمكن حل اي معادلة منها، ولا اود ان اشبه هذه الحال بلاعب الورق "الكوتشينة" إذا اكتشف ان الاوراق التي يحملها اكثر من منافسيه!

عبدالله عبدالعزيز الاحمر
طرابلس- ليبيا
26 يوليو 2014




الثلاثاء، يونيو 03، 2014

عن أي سياسة تتحدثون



بالإمكان فهم ان السياسة لعبة قذرة ، وهذا مقدور عليه لكن الذي يصعب فهمه هو ان تكون هذه اللعبة بلا قواعد!
تحدثنا في هذا المقام من قبل عن ان ما يحرك كثيرا من اقطاب واحزاب معارضتنا التي كانت ( وماتزال بعضها) تقيم في دول الجوار لا يمكن ان يكون هو الحرية والديموقراطية لشعوب السودان، لو ألقينا مجرد نظرة عابرة على شعوب تلك البلدان المجاورة كإريتريا حيث عانت وتعاني حتى الان الامرين من عسف انظمتها الدكتاتورية والتي كانت تقدم المساعدة السخية لطلاب الحرية والديموقراطية القادمين من السودان!!
القضية هنا اخلاقية وانسانية بامتياز، حتى ولو سلمنا جدلا بانعدام المبادئ والثوابت في السياسة، فإن القواعد الحاكمة لأي عمل لا يمكن ان تخرج عن إطار المنطق، والمنطق البسيط في هذه المقارنة يحدث بأخلاقية وانسانية القضية، ما يذكرنا برفض الزعيم الافريقي العظيم مانديلا الاعتراف والتعامل مع دولة اسرائيل تقديرا لأشواق وعذابات شعب فلسطين، وتقريرا لحقيقة ان الحرية واحدة كما ان العسف والاستبداد واحد، وعليه لا يمكن لشعب جنوب افريقيا ان ينشد كرامة ينكرها على غيره من شعوب الأرض، وانعدمت كل التقديرات البراغماتية التي تمليها " ما يعرف" بالضرورة.

ذكرنا حينها اخلاقية وانسانية القضية إزاء تناسي رموز معارضتنا لمعاناة تلك الشعوب وصمتها عن تذكير أولئك الرؤساء بواجباتهم تجاه شعوبهم فقط لمجرد انهم يقدمون لهم الدعم وكرم الضيافة من اجل مقاتلة  حكوماتهم!
ينسى هؤلاء ان مواقف السياسة سريعا ما تتبدل تبقى معايير الاخلاق.
ويسير على المرء ان يدفع ثمن موقفه الإنساني بل ويعتز بذلك، من ان يدفع ثمن التقلبات السياسية والتي قد تقذف به في العراء لمجرد تبدل مصالح اصدقاء اليوم مع اعداء الامس.
و هذا ما حدث مع المعارضة الدارفورية في تشاد عندما تحسنت العلاقات بين نظامي انجامينا والخرطوم إذ لم يجد ابراهيم خليل رحمه الله غير الفرار لليبيا آنذاك.
وتتكرر الشواهد – اليوم- من خلال تهافت رموز المعارضة السودانية على تأييد ما جرى للإخوان في مصر على يد العسكر وذلك كراهية في ونكاية بأخوان السودان الانقاذيين، وهم يعلمون - وهذا اهون الفرضيات - ان ما حدث في مصر هو انقلاب على الشرعية مثله مثل الذي حدث في السودان قبل ربع قرن وتعظم مصيبتنا فيهم ان كانوا لا يعلمون!
ومن بؤس المفارقة ان تداعت قلوب وأشواق انقلابيي السودان لاخوانهم في شمال الوداي بالسهر والحمى وهم يزج بهم في السجون من قبل " السيسيون الجدد"  وما كان اغناهم عن ذلك وهم من فعل بالأحزاب والقوى المدنية في السودان مثلما فعل السيسيون بإخوانهم، بل و ان السيسي العسكري فعل ذلك بمباركة وتواطؤ الساسة المدنيين وقادة العمل المدني بيد ان مدنيي السودان " الاخوان" هم من فعل ذلك و بمباركة ودعم الجيش.

فعن أي سياسة تتحدثون؟
هذه لا يمكن بحال من الاحوال ان تسمى سياسة، ولا حتى لعبة سياسية، هي فقط لعبة تماما مثل الحكم في تقدير السيد مصطفى عثمان (صاحب مقولة شعب الشحاتين) إذ مثله طوال حوار تلفزيوني بالـ "الكيكة" وكان يتحدث فقط عن كيفية تقاسم هذه الكيكة، أي تقاسم السلطة مع الآخرين، اما شيخه الترابي فقد تذكر ان محاكمة الجناة في انتهاكات النظام الانقاذي في دارفور تتطلب تسليم رأس النظام السوداني وفقا للاتفاقيات والسوابق القانونية التي باركناها في يوغسلافيا، وان لم نفعل فلسنا من الاخلاق في شئ لكنه تناسى هذه الدعوات هذه الايام وظل يتلوى كعهده بأن لو ارتضينا ولو ارتأينا وهلمجرا...
هكذا هي السياسة في بلادي يا اخوتي!

عبدالله عبدالعزيز الأحمر
طرابلس- جنزور
5 يونيو 2014