الصفحة العربية الرئيسية

الأربعاء، يوليو 20، 2011

ورحلت نازك الملائكة لو تعلمون


ورحلت نازك الملائكة لو تعلمون!
إنسانة أخرى من الزمن الجميل...
لو كان مقامك بيننا يبارك زماننا.
لو كان صوتك ملائكيا يبعث الدفء فى الأشياء.
لو كانت لغتك شيئا من بقايا كأناجيل العهد القديم.
لو كانت كلماتك هى فقط كلماتك.
فنحن ما أسعدنا وأحوجنا لها من بركات غير أننا عصاة.
عصاة حتى الضياع..
نحن.. ما عدنا نفهم معنى أسمك المركب هذا يا أنت.
نحن كفرنا بكل الأناجيل قديمها وحديثها وأستبدلناها كلها بأسفار الجسد والبورصات، الضجيج والأسواق، والبيع والبيع والبيع...
أما كلماتك فهى كلماتك، بريئة منا ونحن منها برآء..
لا تعنينا ولا نعنيها ولا نعيها يا هذه..
نحن أبناء الجنز والبوب والرقص والطرب...
نحن جيل الهزيمة ياهذه ...
لقد باركتى زماننا غير أنى أشفقت عليك
لقد طال عمرك أكثر مما ينبغى ياهذه ..
لقد خانك العمر هذه المرة...
لقد حملك العمر من زمن السياب وأبى ماضى وطه والأخطل وجبران إلى زمان شعبان ياهذه ....
لقد أظلك الزمان ببشارة خورى وغسان كنفانى وأبى شادية وجماعة ابولو، كما فجعك الزمان  بكلمات يختبى قائلها وراءها فلا الكلمات كلمات ولا القائل قائل...
لقد رايتى غاندى يمر بسماء مصر فتحتفل الأرض بمن فى السماء..
ورأيتى حاملات الطائرات تعبر القنال صوب عراقك ياهذه..
ليت الزمان أنصفك يا أنت..
لقد كان أبو عمار عمارا ياهذه وكانت الثورة فى كل الأوطان.
كما يخيم الصمت الكبير فى كل الأوطان اليوم ياهذه..
تذكرين أحمد بن بيلا ؟
 هل تذكرين هوار أبى مدين؟
ربما أنك تذكرين الأمير فيصل أو ربما أنك مازلت تفسرين بيانات باندونغ وكلمات تيتو حتى طال عمرك فجأة!
فجأة إمتد عمرك وقادتك الأيام فأوصلتك إلينا فرأيتينا غير أننا لم نراك..
وما أبشع مرآنا..
لابد أنك ما زلت حزينة على إبن السياب كيف عاش غريبا يقاسى ثم مات بعيدا عن تلك القرية التى أحبها وهو يعانى..
لكن السياب رحل وفى نفسه حلم ربما لو تمثله كان سيرحل عن دنيانا وهو سعيد ياهذه..
كيف طال عمرك ياهذه حتى جاء شذاذ الآفاق إلى العراق؟
أنتم يامعشر الأحياء ما أروعكم تعيشون وأنتم تحلمون وتموتون وتتركون الحلم فى الأرض..
غير أننا لا نحلم فمن ذا يحلم بعدكم؟
نحن فقط نعرف شكل الخبز وحجمه ونعرف كيف نبحث عنه وكيف نتقاتل فى طوابيره أحيانا حتى نظفر به.
نحن فقط معركتنا إذا حصلنا على الخبز ..
تنتهى معركتنا وينتهى كل شىء..
ولكنى نسيت شيئا آخر، يوجد شىء آخر لم أذكره، نحن نحب أيضا...
نعم نحن نكتب الرسائل ونبعث الكلمات الرقيقة التى نحفظها ، نحن لا ندرى من كتبها ولكننا نحفظها ونكتبها ونبعثها للجميلات اللائى نحب وكل فتات تفعل ذلك مع فتى أحلامها.
آسف ليس فتى أحلامها لاننا لا أحلام لنا ولكننا بعد الحصول على الخبز إذا رأينا فتاة فى الطريق فإننا نغازلها ونشيعها بنظرنا حتى تغيب هى الأخرى بين طوابير الخبز...
إذن فنحن نحب.
نحب أيضا..
هل تذكرين مي زيادة ياهذه؟
أنت رأيتى العقاد لا محال ولابد وأنك قرأتى للعقاد قصائد الحب والحياة، لا أدرى ولكن العقاد أو هيكل أو طه أو احد هؤلاء كان قد أهدى إلينا كتابا أسماه أوقات الفراغ..
لا أدرى كيف أسماه أوقات الفراغ ؟
هل يعنى أنه كتبه فى أوقات فراغه أم يريد أننا نقرأه فى أوقات فراغنا؟
نحن أستاذتى الكريمة لا نكتب ولا نقرأ فى أوقات فراغنا..
أنت من أنت؟
أنت أستيظت على الحياة وطاغور ينثر قطعا من قلبه ويزخها هكذا فى أنحاء الأرض من أجل الحب والتسامح والخير، ولابد أنك رأيتى سوكارنو وقد لا يغيب عن خاطرك الرقيق تذكر ذلك الإنسان الغريب إنه العم هو شي مين؟
 ياله من إسم كالموسيقى وياله من إنسان !
نحن لم نر هو شي مين ولم نر نيريرى ولا لومبا ولكننا جئنا فى زمن شعبان، فكيف نستضيف مثلك فى بيتنا الهزيل هذا؟
ألم أقل لك أنك تجاوزت الزمن الجميل.
لقد اختارك الموت  بعيدا عن عراقك كما فعل بالسياب، ولكن السياب مات وفى القلب أمل، كان الناس جميعا ينظرون للغد، الغد المشحون بالثورة والتغيير والتحرير.
بون عظيم بيننا وبينهم، بين أملهم وأملنا..
عراقك اليوم يحميه الأمريكان واليهود ويحكمه شذاذ الآفاق، عراقك اليوم يحترق، لست وحدك اليوم ترحلين ولكن العراقيين اليوم جميعا يرحلون عن وطنهم!!
إن السيد بان كى مون يدعوا دول الجوار العراقى لأن تمهد للشعب العراقى ظروف الدخول إلى أراضيها، لا أدرى لمن يريد العراقيين أن يتركوا وطنهم؟
هو فقط متعاطف معهم ويريدهم أن يخرجوا جميعا من العراق من أجل حمايتهم من الموت، ونظريته صحيحة فعندما يخرج جميع العراقيون من العراق لن يجد القتلة والمجرمون شخصا يستهدفونه بالقتل وهكذا ستتوقف أعمال العنف!!!!
 ياله من شخص مخلص إسمه بان كى مون وبالمناسبة يوجد فرق بين بان كى مون وبيكمون، بان كى مون هو أمين عام الأمم المتحدة وهى المنظمة المسؤولة عن شؤون العراق وفلسطين ولبنان والسودان وإيران أحيانا، أما البيكمون فهو مسلسل أطفال يقدم للطفل العربى باللغة العربية من أجل تسليته وتهذيبه ودمجه فى المجتمع، أنت لا تعرفين معنى البيكمون لأن فيروز جارة القمر كانت تغنيكم أغانى من قبيل –كنا صغار والأحاجى وهكذا...
جارة القمر هى الأخرى ما زالت تتعذب بيننا..
ما أروع زمانك ياهذه، إننى اليوم أرثى لك وأحييك وأشيعك بكل آى التبجيل والنبل والتقدير، لقد هدأ القلب النابض فى ذلك الصدر الحى، إرحلى عنا نازك فلست منا ولسنا منك!
لا نبغضك ولا نستكثر عليك ولكننا لا نعرفك، ووجهكى وإسمك المركب وكلماتك غريبة علينا غير أنها تنم عن شىء ملائكى ليس من عهدنا هذا ولا من أرضنا هذه، فلترحلى عنا إذا، أتركينا كما نحن فنحن سعداء، نشترى الخبز ونعود للبيت، أما أتشى جيفارا فقد كانت غايته التعب والجهد المضنى الذى لا أفهم له معنى ولا أرى لماذا عندما حرروا كوبا لم يترجل ويستريح، هو أيضا من زمان مجهول وأنتهى لمصير مجهول لا نعرفه ولا يعرفنا فطبت نازك..
لك أبلغ وأسمى التحيات...
طبت حيث أنت من نازك !!
الخميس/21/06/2007

ليست هناك تعليقات: