الصفحة العربية الرئيسية

الأربعاء، يوليو 20، 2011

تعودين..


تتقاصر الكلمات جميعا وتنهزم، وتنداح كل العبارات الرتيبة فى مشهد لا تبق فيه رحابة المفاجئة خيارا للعبارات والكلمات غير الإندياح، ولكنا لا نشفق عليها كيفما تتأتى وكيفما تتبدى...
 إنها تعلن شيئا كالفرح وشيئا كالإنتصار، وشيئا كالبلل يشيع أحايين السقم المغادر...
ببساطة الوصف لما تتواضع الشروح وفراهة إنسياب الأشياء المتدفقة من هنا تقال مرحبا...
كعادتى بالكلمات هى دائما بيتى الآمن الذى أهمس فيه تارة وأرفع فيه بالنشيد تارة أخرى...
النشيد ...
صدى النشيد فى مخيلتى هذه المرة ينتصر لكل معانى الانتظار.
 مرحبا بك ترحيبا كبيرا فى ليبيا مرة أخرى، وقد يكون ترحيبا غير عادى يحمل بين طياته إجابات كثيرة لأسئلة أكثر طرحها ذهابك للسودان، وبحثتي في شوارع وطرقات ومداخل المؤسسات والشركات السودانية عن إجابة شافية لها جميعا ...
 ثم ها أنت تختزلين كل الأسئلة فى جملة واحدة وكل الأجابات فى عبارة أخرى أكثر إقتضابا وأكثر غموضا وأكثر بحثا عن المجهول.
 ولكن التاريخ إذ يقف هاهنا، فإن التاريخ يسجل لحظة أخرى فى سجلات التحدى،  فقط عندما يكون النظر للغد القريب والبعيد بهذه العين المتأملة والمتحدية، بهذه العين التى لا تترسم معالما بالضرورة ولكنها تقرأ فى كل الوجوه وفى كل المنظورات خارطات طريق!!
برافو دارلين....
إنني اليوم أجلس للترحيب بك...
أخط كلمات الترحيب بكل رمزية المعنى اللازمة بالضرورة وبدون قليل حرج، فالكلمات هنا قد تنساب وتتسق فى دونما أنتهاء لغاية عندما نتجشم عناء تحميلها كل ما نبغ صراحا وبعيدا عن الإلماح!!
فمرحبا بك دارلين الغالية..
لقد والله أفرحنى أن أراك بيننا مرة أخرى وكنت ظننت أن لا تلاق بعد ذاك الوداع..
رحلة السودان هذه التى حدثتنى عن بعض معالمها كانت رحلة مفيدة غاية ما تكون الفائدة وكانت مرهقة غاية ما يكون الرهق ومصيرية غاية ما يكون المصير.!!
كنت شديد الرغبة فى الجلوس إليك مليا كى أسمع منك أخبار العشر أشهر السالفة فى السودان كنت أود أن تحدثينى عن الحياة هناك...
عن الشباب والشيوخ، الرجال والنساء والأطفال والشوارع والبنايات والموانى، عن الزرع والضرع والمطر، كنت مشتاقا لحديث عن المطر!
مطر السودان.!
كيف يهطل المطر فى السودان؟.
وكيف إذا هطل المطر يقفز الحمل وينط الفرس وكيف يفرح أهل البلد!
إنهم هكذا علمونا وما زلت أذكر.
نزل المطر..
نزل المطر وقفز الحمل ونط الفرس
وفرح أهل البلد
هل ما زال يفرح أهل البلد إذا نزل المطر؟
كنت مشتاقا لسماع ذلك.
وددت لو أنك تخبرينى عن عيون الناس!
عيون الناس فى السودان لو أنك تأملتيها من عيون.
تقرأين ماذا في عيون الناس هناك؟
أهو الأمل والتطلع للغد، أم هو الصبر حتى يأتى الغد؟
أم هل تراه يأس من قدوم الغد وإشراق شمس جديدة؟
هل في عيون الناس رجاء أم ترجى
فى عيون الناس خوف أم تحدى؟
أنت لما تخبرينى عن ذلك.
وكنت وددت لو أنك تفعلين
كنت أنتظر أخبارا عن الثقافة والمنتديات والشباب
وكنت قد شاقنى خبر أهل البلد
حدثينى عن الغناء والشعر والفرح هناك
والرحيل
حدثينى كيف يرحل الناس هناك؟
كيف يرحلون على أمل
وكيف يرحلون بلا أمل
كيف يرحلون بجهل وكيف يرحلون بعلم
كيف يرحلون فجأءة ويرحلون على موعد معلوم
وكيف يرحلون بلا عودة؟
عن النيل كنت أنتظر وصفا للنيل...
برافديه أزرقا فأبيض...
كنت ما زلت أتسائل عن بياض هذا وزرقة ذاك وهدؤ هذا وصخب الآخر...!
كنت أود أن تحدثينى فقط عن السودان...
وعن صديق وأخ فى نفسى غير أن الأيام أصبحت هى التى تمضى بنا لكل نهاياتنا هكذا عفوا..
عن عبدالله يوسف بشير!!..
ولقد تعلمين أن قصة عبدالله يوسف معى قد أنتهت بسفره وبذكريات أخرى شجية،  ولكنها لم تبدأ بذلك فالرجل كان من أقرب الناس إلى نفسى، كنت أشتاق إليه كما أشتاق لكل أخوتى وأصدقائى وكنت أحبه كما أحب كل أصدقائى وأخوتى غير أن حلقة ما ما زالت ضائعة فى نفسى وأبحث عنها ووددت لو أنك تعودين بها ..!!
أردت أن أقول لك أن السودان إقترب من أن يرسم بصمته عليك!!..
تلك الحكايات التى قصصتها أنت على عجالة كانت شديدة الأثر فى نفسى..
ولعل من طريف القول أننى قلت لأختى أننى سأظل أراقب دارلين كي أرى إلى أى مدى تغيرت ؟
غير أنك لم تتغيرى دارلين...
الذي انتابني من شعور أنك لم تتغيرى..
أنت فقط لم تعودى بعد...
أنت بعد لم تعودى...
لذلك فأنا أقولها على أمل ....
تعودين...


طرابلس،
      الهضبة الشرقية.
            حي البدري
20/05/2007

ليست هناك تعليقات: